يلفه حول طاقية حمراء منكسة إلى الوراء ، وتسمى هذه بالفيس (الطربوش). وإذا أراد أن ينعقد ديوانه دخل عليه الكهيا (١) أو رئيس الوزراء فيحييه بإحناءة على الطريقة الإيرانية ويتخذ مجلسه على مسافة احتراما له ، ويليه في الدخول عليه رئيس عشيرة (مه روري) ـ كذا ـ فيجلس إلى جانب الكهيا ثم يدخل رؤساء القبائل الآخرون المقيمون في حاضرة سلطانه (٢) وفق مكانة قبائلهم ، ويأمر الباشا عند ذاك بإحضار الغلايين ، ولا يدخل الديوان إلا خادم واحد ليوزعها. وإذا أراد الباشا انفضاض الديوان أمر بالقهوة. أما القهواتي فيسترق النظر من خلال النافذة ليقف على عدد الحاضرين كي يصب القهوة في فناجين وفق عددهم ويضعها في صينية ثم يدخل الديوان ويوزعها بالتتابع ، فينفضّ الجمع إلا إذا أراد الباشا أن يبقي من يريد في حضرته للبحث معه في بعض الأمور. ويظهر أن من مظاهر العظمة عند الأمراء البهدانيين الانزواء والاختفاء قدر المستطاع ، أما الرئيس الباباني فعلى عكس ذلك ، إذ إن من المفروض فيه أن يظهر أمام الملأ ما وجد إلى ذلك سبيلا ، وأظن أنه نادرا ما يتسنى له ساعة يختلسها ليتمتع بها.
والبعض من الأمراء البهدنانيين ومنهم والد الأمير الحالي مثلا ، قد غالوا في التخفي حتى أنهم حجبوا وجوههم أيضا بنقاب كلما خرجوا في سفر ، كي لا تقع النظرات الخبيثة على محياهم (٣) وتلك عادة جرى عليها
__________________
(١) إن الكهيا الحالي هو رئيس عشيرة (ني رووي). (والصحيح نه روه ـ المترجم).
(٢) يقطن البعض من رؤساء القبائل (العمادية) دائما أو أنهم يسكنون حيث يسكن الباشا. أما القبائل الأخرى فقد يوفدون رؤساءهم إلى الباشا مع بعض الهدايا بين آن وآخر وهذا لا يكون إلا ممن يكن للباشا احتراما شخصيّا.
(٣) بل على عكس ذلك يقال إنهم يحجبون وجوههم كي لا تقع أنظارهم على الخبائث والمحرمات ، وقد اتبع هذه البدعة بعض المتصوفة ، أو بالأحرى بعض المغالين في عهد قريب ـ المترجم.