في هذا اليوم شماليّا شرقيّا بخمسين درجة. وبعد أن ولجنا خانقا ضيقا مررنا بقرية صغيرة لم اسأل عن اسمها ، ثم بلغنا قرية (بناويله) وهي على جانب عين ماء بديعة ، شاهدنا فيها عددا كبيرا من سمك الشبوط (Carp) وكان السمك أليفا ، إذ لا يزعجه القرويون ، وقد ألقينا ببعض فتات الخبز إليه فاختطفها. وعند البركة الصغيرة التي تكونها العين قامت شجرة شنار جميلة وبعض أشجار الحور والصفصاف منتشرة هنا وهناك ، وقد ذكرني المكان هذا ب (قه ره حسن) ؛ والكرد على صواب في قولهم بأن مدينة السليمانية مشيدة في أسوأ بقعة من بقاع كردستان. وتعود هذه القرية إلى منطقة (سروجك) كما تعود إليها كل الأراضي الواقعة إلى الجنوب منها ، أما ما كان منها إلى الشمال الغربي فيعود إلى منطقة (قه لا جوالان). وبعد أن تناولنا كأسا من القهوة تحت ظلال شجرة الشنار الجميلة عدنا فامتطينا جيادنا في السابعة إلا ربعا ، وسرنا سيرا حثيثا فوق أرض متموجة ثم انحدرنا من تل ناهد ، وفي السابعة والنصف وصلنا منزلنا في قرية (كه ره دي) فوجدنا خيامنا منصوبة ، إذ قد احتطت للأمر فأرسلتها مع الأمتعة الثقيلة ليلة أمس ، وكان اجتيازها جبل (كويزه) شاقّا ، تدحرج أثناءه بغلان أو ثلاثة من بغال الأمتعة ، ولحسن الحظ لم يحدث ما يعتبر ذا أهمية.
وتقع قرية (كه ره دي) في واد ، تكتنفها غابة من أشجار الجوز والصفصاف والحور ، وينحدر الكثير من السواقي في وهدها. والحق يقال إن هذه البلاد لا تعوزها الينابيع البديعة ، وقد مررنا بالكثير منها في طريقنا اليوم بعد انحدارنا من (كويزه). وتعود (كه ره دي) إلى منطقة (شاربازير). ولقد انشرح صدري بمنظرها ، فأفياء الأشجار الظليلة وخرير مياه السواقي الصغيرة وتغريد الدج والشحارير كلها عوامل أضفت على القرية جمالا ورواء.
لقد كان الجو عند رحيلنا من السليمانية في الرابعة من صباح اليوم