دافئا ، وكانت الريح شرقية ، وعندما اقتربنا من سلسلة التلال لفحتنا منها موجة من الحرارة كأنها منعكسة من أتون ، ولكننا في اللحظة التي وصلنا فيها القمة وجدنا أنفسنا في جو يختلف تمام الاختلاف عما كان من قبل ، وكان في مستطاعنا أن نطيل السفر ساعة أو ساعتين أخريين دون أدنى مضايقة من الحر.
درجة الحرارة في الثانية والنصف ب. ظ. ٩٩ د ، وفي العاشرة ب. ظ. ٧٥ د.
وفي خلال رحلتنا شاهدنا الكثير من الكروم ومزارع التبغ ، وتتزود السليمانية بجميع فواكهها من هذه الأنحاء.
لقد قيل لنا إن الطرق التي علينا سلوكها سحيقة ، ووعرة ، وشديدة الانحدار ، وإنها تبلغ من الضيق في بعض مواقع الجبال مبلغا لا يمكن معه مرور جوادين في صف واحد عليها ، الأمر الذي اضطرنا إلى التخلي عن التختروان والمحفات في مسيرتنا هذه ، فتركناها وراءنا في السليمانية. أما الخادمات فأرسلناهن على ظهور الخيل ليلة أمس مع الخيم والأمتعة ، واصطحبتنا قرينتي على جوادها الصغير المهدى من عثمان بك ، وكان حمله لها فوق الجبال مثار إعجابنا.
لقد نادى اليوم عمر آغا مهماندارنا أحد رجاله المدعو (برويز) وقال لي إن هذا الاسم وأسماء قديمة أخرى لا تزال شائعة بين العشائر ، ومنها (خسرو) و (كوباد) و (بهرام) و (برويز) و (بريزاد). وسمعنا تغريد القمري للمرة الأولى في كردستان وفي هذه القرية ، وبعد الظهر خرجنا في نزهة بهيجة على طوار سفح الوهدة مارّين بين صفوف أشجار الحور والعناب والفاغيا (الحناء) والزعرور والصفصاف ، وبين الكروم وحدائق الإجاص والخوخ والتوت والتين وشاهدنا شجرة زيتون نضرة زاهية وعيونا صغيرة تتدفق مياهها من منحدر الوهدة السحيق.