كه وره» أو قادر الضخم الذي كان في خدمتنا على الدوام ، وهو رجل طيب جدّا تعلق بنا تعلقا قويّا بمرور الأيام. ومما يلفت الأنظار إليه أنه كان يسير على الدوام وبيده هراوة ، ويرتدي فروة ماعز رثة فوق ملابسه ، وإن كان الجو وخما حارّا.
١ آب : لم أدون يومياتي خلال مكوثي في (أحمد كلوان) ، لانحراف صحتي من جهة ولانشغالي وتقاعسي من جهة أخرى ، ولا يزال لدى الكثير مما يجب أن أكتبه عن حالتي المعنوية الراهنة.
بعد أن أمضيت بضعة أيام في أحمد كلوان قررت الرحيل عنها ، وفي قراري هذا كنت متأثرا على الأكثر بإصرار نجل البك على ملازمته لنا طيلة مكوثنا فيها ، فرأيت من الصواب الذهاب إلى بيستان (١) أو «بيدستان» بالفارسية «أي مغرز الصفصاف» عاصمة المنطقة التي نحن فيها ، وفي بيستان دار نجل البك ، وبهذا سنخفف عنه الأتعاب التي يتجسمها من أجلنا. ولما كنا على أهبة السفر سرنا في الخامسة والربع من صباح اليوم ، والتلال عن يسارنا فوصلنا في السادسة نهر (قزلجة) الذي يشق مجراه بين الجبال. وهذا المحل يقع إلى شمال أحمد كلوان وإلى الجانب الجنوبي من المضيق ، أو في الضفة اليسرى من النهر.
وعلى صخرة مرتفعة منعزلة نجد بقايا قلعة اسمها «قلعة قزلجة» ويقال إنها قديمة جدّا. وتقع قرية (قزلجة) عاصمة المنطقة سابقا بالقرب من
__________________
(١) لقد كان الرحيل هذا شؤما علينا ، إذ رحلنا من مكان صحي وحططنا في مكان موبوء ، والحمى التي تتفشى في كردستان في هذا الموسم إلى حد ما ، كانت شديدة الوطأة في هذا المكان إلى درجة أصابت أفراد جماعتنا كلهم فصاروا ينفرون من كردستان ويتشوقون للرجوع إلى بوادي بغداد المحرقة التي تمنح أهليها صحة على ما يظهر ـ الناشرة.