القلعة ، وقد هجرت واتخذت (بيستان) حاضرة بدلا عنها. أرى أن معظم القرى في كردستان تقع في مخابىء مستورة ، وفي وديان بعيدة عن النظر ، وقد يكون ذلك تخلصا من زيارات قطعات الجيش التي تمر بجوارها (١). وكثيرا ما يكون هذا التدبير غير نافع وعلى الأخص في منطقة (قزلجة) إذ إنها منطقة حدود معرّضة بوجه خاص لمثل هذه النكبات الاعتيادية في حروب الشرقيين. ففي السنين العشرين الأخيرة خرب الإيرانيون وأمان الله خان (قزلجة) مرات عدة خرابا جعل عاليها سافلها. كما وأن الكرد المناوئين وإن كانوا من قوم واحد فهم ليسوا أكثر رحمة نحو قرى غرمائهم. أما منطقة (سي وه يل) فهادئة جدّا لوقوعها في الداخل ، خارج خطوط الحركات العسكرية.
والآن وقد تركنا الجبال واندفعنا في السهل ، فقد واجهنا خط هضاب متشعبة من الجبال إلى الشرق ، تكسوها أشجار البلوط. وبعد اجتيازنا هذه الهضاب جئنا واديا يمر فيه نهر تحتضنه أشجار الصفصاف في كلتا ضفتيه. ويحد هذا الوادي من الجانب الآخر خط هضاب مماثل. ويسمى نهر (بيستان) أحيانا بنهر (تاتان) وهذا الاسم مشتق من اسم قرية تقوم على ضفتيه. وينساب هذا النهر بين الجبال ويتصل بنهري (قه لا جولان) و (قزلجة) تحت (قه لا جولان) ، وتصب هذه الجداول جميعها في (كوبري صو).
سرنا والجبال التي اجتزناها الآن عن يميننا فوصلنا (بيستان) في السابعة والنصف ، وهي قرية فيها أربعون بيتا (٢) أنشئت في أسفل هذه
__________________
(١) أرى أن هذا لا يكون سببا أو عاملا أصليّا في اختيار الكرد مواقع قراهم ، إن مقتضيات الجو والعوامل الجغرافية ـ ومنها وجود الينابيع ـ هي التي تدفع القرويين إلى اختيار مواقع قراهم في مثل هذه الأمكنة. والحالة تكاد أن تكون عامة في جميع ديار الكرد ـ المترجم.
(٢) تحتوي على أربعين عائلة منها خمس عشرة أو عشرون عائلة يهودية.