منبعه على بعد مسافة تقارب الفرسخين إلى الغرب أو اليسار في جبال عباس بك وهو يجري شرقا ثم يتجه إلى (ميان دوآو).
أطلت النظر في النهر متأملا ، شأن من يلقي أول نظرة على الأنهر العظيمة الشهيرة وهي في حالة تكونها ، وما كان في النهر ماء يزيد ارتفاعه على القدم الواحد ، ولكن هذا كان أمرا شاذا ، وذلك لأن المياه في هذا الموسم كانت شحيحة على غير المألوف. وارتفاع مياه هذا النهر تكون عادة بمستوى الركب ، وكثيرا ما يمسي خوضه مستحيلا لعدة أيام في الربيع ، وينوي الوالي تشييد جسر فوقه.
وفور عبورنا (قيزيل أوزان) أخذنا نرتقي ثانية ومررنا فوق بقعة وعرة جرداء كالتي طرقناها سابقا من حولنا بعض القمم السامقة. وكان القسم الأعظم من الأرض بورا ، وهذه الأرض هي المراعي الصيفية الاعتيادية لعشائر السليمانية. ومن مشاهدتي آثار بعض المضارب تعرفت على الطريقة المتبعة لديهم في ترتيبها فوجدت أنهم ينصبون بيوتهم على شكل دائرة ، توضع القطعان (١) في وسطها. وهذا الترتيب ضروري في الحقيقة للدفاع ذلك أنهم في عداء دائم مع سكان المناطق التي يجوبونها ، وجولاتهم هذه تجعلهم ضيوفا غير محببين مطلقا.
ويبدو أننا الآن على ارتفاع شاهق فوق سطح البحر ، ويظهر لي أن الأرض التي نحن فيها إنما هي نجد تتقاطع فيه الوهاد ، وهو غني وخصب في إنتاج (الريواز ـ Rhubarb) من النوع الممتاز وخاصة ما ينبت منه في الأماكن الصخرية. وهذا النبت الذي ينبت في كردستان برّيّا وفي أكثر أقسام إيران والذي يستهلك بكثرة في صنع الشرابات ، لم يكن إلا راوند الحدائق الذي نصنع منه الفطائر المعروفة باسمه.
مررنا بواد أخذ يضيق تدريجيّا حتى أصبح وهدة صخرية تجمعت
__________________
(١) تعتبر أغنام (قالا جوالان) أغزر صوفا ، أما صوف قطعان هذه المنطقة فدقيق ناعم.