الجياد في السادسة وكان اتجاه الوادي ما زال شماليّا يخترقه طريق (ساقز) و (تبريز) غير أن طريقنا كان يمر من أعالي التلال المحيطة بالوادي ، وهو في اتجاه شمالي غربي ، وقد سلكنا هذا الطريق طيلة اليوم وإن التجأنا إلى بعض الاستدارات.
«بارك الله بالكرمانج» (١) هذا ما قاله إلى عمر آغا أحد القرويين الذي كان يصحبنا بعد أن التفت يمينا ويسارا ليتأكد من خلو المكان من إيراني يسمع قوله فسأله عمر آغا «وكيف ترى السنويين؟» فأجابه القروي «ألا لعنة الله عليهم أجمعين» فأسكته عمر آغا قائلا : «صه يا فتى ألا تعلم مصيرك لو سمعوك» وكان جواب القروي المسكين على ذلك «لن تكون معاملتهم لنا أقسى مما هي الآن».
كانت الأرض منذ أن تركنا مضارب القرية ترتفع ارتفاعا تدريجيّا ولكن محسوسا جدّا ، ولم يطل بنا الوقت حتى رأينا أنفسنا فوق نجد ومن حولنا القمم لشامخة وسلاسل تنتهي عند حدود النجد. ويتصل أحد التلال القائمة على يسارنا بجبل (حاجي أحمد) الذي يبعد عنا مسافة أربعة فراسخ ، كان يستره عن أنظارنا وكانت سلسلة تلك التلال تمتد باتجاه الشمال الشرقي والجنوب الغربي نحو (زغروس).
والشتاء هنا قارص جدّا وتنقطع السابلة عن اجتياز الطريق لوفرة الثلوج وتراكمها عليه. وقد شاهدنا آثار عواصف أمطار غزيرة هطلت أخيرا ، وهذه العواصف من الظواهر الطبيعية الاعتيادية في مثل هذا الموسم ، إذ إن المطر يبدأ في أوائل تشرين الأول ، ويعقبه تساقط الثلوج بعد زمن قصير. والأرض بكاملها بور غير مزروعة ، وقد اتخذت مراعي صيفية لعشائر السليمانية.
وفي الثامنة بدأنا نهبط هبوطا ناهدا استغرق مدة ربع ساعة انتهينا
__________________
(١) هو اسم قبيلة باشا السليمانية ، وينتمي إليها عمر آغا ـ الناشرة.