منه إلى واد ضيق يتلوى بين التلال العالية ، ومضينا فيه نكمل ما تبقى من مسيرنا وأخيرا مررنا بقرية أو قريتين من القرى الحقيرة المنظر ، وببعض الرقع الصغيرة من المزارع التي كمل جمع غلتها في الأيام الأخيرة ، وشاهدنا بعض القطن المتوقف عن نموه الطبيعي وبعض أشجار الخروع وهي على تلك الحالة من النمو تقريبا.
تشرع قرينتي عادة في مسيرها اليومي قبلنا ، غير أن شروعها اليوم كان بطيئا ، ولما كنا على وشك اللحاق بها فقد ترجلنا في التاسعة والنصف عند منبع صغير لنفسح لها المجال لتسبقنا (١) ثم استأنفنا السير في العاشرة ونحن في ذلك الوادي الضيق نفسه ، وفي الحادية عشرة وصلنا قرية (سوورموسي ـ Soormoosi) الواقعة في منطقة (خورخوره) وقد دخلناها وهي في منتهى المنحدر الناهد أو عند رأس الوادي وشاهدنا في أعالي التلال المقابلة لنا حصنا مربعا صغيرا ، يتحصن فيه القرويون للاحتماء عند غارات البلباسيين ، على أن هذه الغارات قد تضاءلت أو انقطعت تماما ، إذ إن الأتراك والإيرانيين قد قضوا على نزعات البلباسيين وقوتهم.
__________________
(١) نزولا عند العادات الشرقية ، كانت السيدة ريج تسافر مع جماعة منعزلة عن جماعة السيد ريج ، وقد مر ذكر ذلك. وكانا يسيران في ساعات متفاوتة ويعتنيان دوما ليكونا على مسافة من بعضهما وعلى الأخص عندما يكون المستر ريج مصحوبا برجال لهم منزلتهم في البلاد ، وكانت جماعته في هذه المرة مؤلفة من مرافقه ورائده وحاشيته علاوة على رجال دار المقيمية وضباطه وخدمه. أما السيدة ريج فتصحبها الخادمات وبعض الحرس وميناس آغا والطبيب (به ل) على الرغم من أن ذلك قد لا يتفق والعادات. هذا ويمكن لنا أن نبين هنا بأن المسلمين يستثنون فيجيزون للسيدة الأوروبية أن يرافقها الرجال من أبناء بلادها ومن دينها ، أما الذنب الذي لا يغتفر في نظرهم فهو أن يراها المسلم وهي غير محجبة ، أو أن تحتل موقعا بارزا في أية صورة كانت في الاجتماعات العامة سواء أتحجبت أو أسفرت ـ الناشرة.