كان طعام الفطور المعتاد يهيأ لنا ، وبعد تناوله كان الخان يرغب في مواجهتي ليودعني لقد أخبرني كل من «وكيل الخرج» رئيس خدم الخان ، وعبد الله بك ، بكل ذلك. فغضبت وقلت لهما بأنني لا أريد بغال القافلة ـ التي أمرت بإعادتها إلى أصحابها ، وتأكدت تنفيذ الأمر بعدئذ ـ وإنني سأسافر لوحدي تاركا الأمتعة مطروحة في محلها ، ولا أريد مواجهة الخان مطلقا ، وعلى ذلك ركب عبد الله بك وبعض أتباع الخان حالا مسرعين إلى المدينة خببا ، أما صاحب البغال فبقي بجانبي مع بغاله التي جيء بها إلى مضربنا في تلك الآونة. وأسرع «وكيل الخرج» في تقديم الطعام استرضاء لي وما كنت حاقدا عليه إذ كان رجلا خدوما مؤدبا ، وهيأ عمر آغا ثلاثا أو أربعا من دواب حمل جمعها من محلات مختلفة لتحميل أهم الأشياء وألزمها والمضي بها. وقد اهتم قبل كل شيء بحقائب سرجي والمزولة ، وكان الجمع في هرج ومرج. وبعد أن سارت قافلة الأثقال التي تمكنا من تحميلها ركبت السيدة ريج والمستر (به ل) يرافقهما مريض واحد أو مريضان من جماعتي ورجل يعتمد عليه من رجال العشائر من أتباع عمر آغا وهو ابن عم له ، وقد تسلح بندقيتي واتشح بسيف عريض لي اتشاحا مضحكا إذ رمى بمنطقته الجلدية العريضة وألواحها المعدنية اللامعة فوق كتفه. لقد أصبح قائد القافلة ، وهو بهذه القيافة في وضع يصلح معه أن يترأس عصابة من قطاع الطرق.
وبعد أن سارت القافلة مدة نصف ساعة رجع عبد الله بك مسرعا ليخبرني بأن الوالي قد استيقظ الآن من نومه وسمع بتأخري عن الشروع بالسفر لقلة الدواب فأمر بأن يؤتى إلي بجواده ، وهو مهتم اهتماما فائقا بأن لا يكون قد وقع ما يزعجني ، ويرجو أن أتناول كأسا من القهوة معه في طريقي الذي يمر بالمدينة ، وأنه يرى بأنني أزيده شرفا لو تقبلت منه برذونا رهوانا كدليل على رضائي عنه. لقد سررت لهذا التصرف لأن الأمور أخذت تسير سيرا وديّا ، وعليه بعد أن وزعت بعض الدراهم على