١٥ أيلول :
سرنا في السادسة والدقيقة العاشرة وقد عم الجذل والفرح رجالنا لتوقعهم الوصول إلى السليمانية بعد بضع ساعات. وقد شعرت شخصيّا بارتياح نفسي بمثل ما يتحسس به المرء عند عودته إلى بيته ، والحق يقال إن اللطف وحسن الضيافة اللذين لمستهما في السليمانية هما من العوامل القوية التي تجعلني أن أعتبرها موطنا ثانيا لي. وكان طريقنا كله يرتقي بعد الوادي ، أو منخفض مجرى نهر (قالا جوالان) ارتقاء هينا ، وكان يعارضه خانق عميق حفره سيل جف الآن ، وقد انهارت التربة وتقوضت الأحجار الرملية وتدهورت وتراكمت فوق بعضها أكواما كالأنقاض متبعثرة على غير انتظام (١).
وفي السابعة والنصف وصلنا حضيض جبل (أزمر) ، وبعد برهة بدأنا نرتقي ناهدا جزء منه بطريق جد معتدل متمعج على سفح الجبل دون أن يكون هدودا ، وفي الثامنة وصلنا القمة ، وبعد أن سرنا جنوبا مدة خمس دقائق بمحاذاة رأس الجبل بدأنا بالهبوط. وما كان القسم الأول من الهبوط رديئا إلا أن الطريق أخذ بعد ذلك يمر لمسافة قصيرة على حافات مهاوي الجبل وقد أمسى خطرا في مكان أهملت تسويته لنتوء صخرة عظيمة في وسطه ، فاضطررنا إلى الزحف من فوقها ، بعد أن ترجل كل منا وترك جواده ليشق له طريقا ، فشقت الحيوانات طريقها ببطء وتؤدة وحذر ؛ ولقد مر ذلك بسلام. وفي الثامنة والنصف وصلنا أسفل المنحدر الرئيسي ، وما زلنا في اتجاهنا الجنوبي ونحن ننحدر انحدارا تدريجيّا في واد ضيق تكون من الجانب الواحد من سفح الجبل ذاته ومن الجانب الآخر من هضبة متفرعة منه وعلى امتداد مواز له. وفي التاسعة إلا عشر دقائق مررنا من فجوة في تلك الهضبة إلى وهد السليمانية وقد ألفناه في
__________________
(١) وقد شاهدت الطباشير ، خلال رحلة اليوم.