لأمثالهما من ذوي الشأن وهم في مكان تراقبهم فيه أعين الحساد من الحكومة ، سيما حين أصبح الأخ الثالث وهو الأكبر ذا منزلة يخشى منها كثيرا ، وقد نجح أخيرا في الحصول على الباشوية بالغش والخداع ، ونعم بعز مركزه أعواما قليلة إلى أن تغلب عليه قاتله صهره داود ، الذي تسلم بعد ذاك فرمانا من الباب العالي يؤيده في الحكم.
١٧ نيسان : استأذنت الحاج عبد الله بك ورحلت من داره الريفية في السابعة والربع صباحا وكان الطريق يمر بأرض لا تروق للمرء مطلقا ، فوصلت إلى مخيمنا في الواحدة إلا ربعا ، فوجدته قائما هي (الدوخلة). أما قرينتي فقد وصلت إليه بعد ساعة. وطفت بعد الظهر في المخيم للتأكد من تجمع الجماعة وراحة أفرادها. إن إسكان هذا العدد من الناس في القرى الواقعة على الطريق لم يكن أمرا ميسورا ، ولهذا اضطررت إلى استصحاب الخيم وإلى استصحاب رهط من العرب لنصبها وتقويضها مساء وصباحا. وكانت الخيم أربع عشرة أو خمس عشرة خيمة وهي أقل ما نكتفي به لإيواء جماعة يتراوح عددها بين الخمسين والستين (١). أما
__________________
(١) كان (آغا ميناس) الضابط الرئيس الأهلي لدار الإقامة قائد هذه الجماعة المؤلفة من مسيحيين ويهود وأتراك وأرمن وفرس وهنود وهو من عائلة أرمنية لها مكانتها خدمت الحكومة البريطانية مدة طويلة. إن المنصب الذي يشغله وكفاءته الشخصية جعلاه أن يكون مدير إدارة المستر ريج البيتية في بغداد وقد استمر خلال هذه الجولة على القيام بالواجب ذاته ، وكان أمين المال والمرافق ، وقام بخدمة أضيافنا العديدين في طريقنا ، وأدار شؤون المخيم ، وزبدة القول إنه كان الرجل الأوحد الذي ينتظر الكل صدور الأوامر وطلب المعونة منه ، ومع ذلك لم يستطع إرضاء أحد لأنه لم يستطع الإتيان بالمستحيلات. وكان يتحلى بالصبر الجميل ، وروح الدعابة ، اللذين يقتضيهما المنصب الذي يشغله. وما كان يتعب في مسعاه لإراحة الكل ، بل كان متحمسا لأداء واجبه كل التحمس ـ الناشرة.