وصادفن أناسا لا يرغبن في أن يعرفوهن. إن رئيس خدم ـ حرم آغاسي ـ حرم الباشا الذي يجب أن يكون نزولا عند العادات الشرقية من الطواشي ، وعدد آخر من خدم الحرم ، كانوا كردا أقوياء ملتحين. لم تحاول مطلقا سيدات كيخسرو بك التحجب حتى أمام جماعتنا ، وعندما ذهبت قرينتي لرد الزيارة في خيامهن ، وجدت رجالا بعدد النساء ، أما نساء الطبقات الفقيرة ، حتى في السليمانية فيتجولن في المدينة سافرات. وقد يشاهدن باكرا ، في أيام الصيف وهن في الفراش مع أزواجهن أو عند تركهن مضاجعهن نحو أعمالهن ، فوق سطوح الدور المنبسطة المشرفة على الأزقة الضيقة التي لا تعلو عن الأرض أكثر من خمس أو ست أقدام ، وعلى الرغم من هذه الحرية وما يبدو عليهن من مظاهر عدم الاكتراث فليس هنالك نساء يسلكن سلوك الحشمة والأدب أكثر من السيدات الكرديات ، وهن يفقن بفضائلهن النساء التركيات تفوقا بعيدا.
إن مقام النساء في كردستان أفضل بكثير من مقامهن في تركيا وإيران ، وأعني بذلك أن أزواجهن يعاملونهن على قدم المساواة ، وأنهن يسخرن من خضوع النساء التركيات خضوع العبيد ويحتقرنهن (١). وهناك ما يشبه الاستقرار العائلي في كردستان ، وهو أمر معدوم في تركيا تماما.
__________________
(١) لم تكن الأمثلة نادرة عن شجاعة المرأة بين النساء الكرديات. زارني فيض الله أفندي الذي كان مرة (ديوان أفندي) عند باشا بغداد وهو رجل حاذق ، ذو ولع شديد بالميكانيكيات. ووصف لي أرغنا صنعه ، وتمكّن من أن يضرب عليه بعض الأنغام التركية والفارسية. وعند مغادرته لي ومجيء خدمه بجواده وإجتماعهم حوله التفت إليّ وخاطبني قائلا : إنني أريد أن أريك شيئا طريفا في بابه قد لا تكون شاهدته في حياتك. ثم نادى أحد خدمه ليحضر وسألني فيما إذا كنت ألاحظ على الخادم شيئا غير اعتيادي فأجبته بالنفي ، وزدت فقلت إني أرى فتى قويّا فقال لي على أثر ذلك إنه ليس فتى بل فتاة كردية بلباسية ، وإنها كانت أحسن فارس وأشجع جندي وأفضل خادم يتصوره الإنسان. وإن سلوكها لا يشوبه شائبة مطلقا ، بل إنها زادت في شرف بنات جنسها ، كما زادت بشجاعتها شرفا على الرجال. وإنها باكر ، أراد أحد الأتراك