الإفرنجي ، وعند ترجله لقطع رأس الفارس ، بوغت بكون عدوه المصروع فتاة راحت تستعطفه وتعده بقبوله زوجا لها إذا منحها الحياة. فأخذها إلى معسكر الأتراك رمزا لانتصاره فسأله السلطان عمّا يرغب فيه من مكافأة على صنيعه فاستعطف إرادته ليمنحه لقب (بك) وينصّبه على قريته مع تمليكه القرية وأراضي (داره شمانه) ملكا أبديّا. وقد كان متواضعا في طلبه كريما ، أو قصير النظر في الواقع إذ لو طلب كردستان بكاملها لنالها دون ريب. وقد رجع إلى وطنه غانما فخورا بعد أن قنع كل القناعة بما أحرزه مع قرينته الجديدة. وقد رزقه الله منها طفلين هما (بابا سليمان) و (بوداخ كيخان) وعلى أن أذكر هنا بأن اسم الفتاة الإنكليزية كان كيخان ، وقد نافس البلباسيين منافسة مستمرة وانتزع منهم السلطة وحط من مكانتهم كثيرا. وفي يوم من الأيام عندما كان غائبا غزى دياره الكثير من البلباسيين غزوا ضاريا فامتطت كيخان جوادها ودحرتهم جميعا وكان يتراوح عددهم بين الأربعمائة والخمسمائة ، وقتلت الكثير منهم. ثم استدعت سكان (داره شمانه) وخطبت فيهم قائلة «يا رجال داره شمانه ، لقد منحني الفقيه أحمد حياتي ، وأنا في قبضته. وكنت بانتظار اليوم الذي أرد صنيعه إليه ، وهذا كل ما أتمناه وكل ما انتظره. والآن عليكم أن تخبروا الفقيه أحمد بما رأيتم ، إذ إنني ذاهبة إلى حيث لا يراني ثانية ، وقولوا له بأنني أطلب منه أن لا يلحق بي فذلك لا يجديه نفعا ، وسألحق به الأذى إذا فعل ، ويعلم الله بأنني لا أرغب في ذلك» قالت هذا ولوت عنان جوادها وهمزته وغابت فورا عن الأنظار.
«وعند رجوع الفقيه أحمد استغرب مما حدث ، وكان استغرابه متوقعا ، وقد حزن لفقده زوجه كيخان فقرر اللحاق بها على الرغم من منعها له. وقد لحق بها في وادي (خردان) (١) الكائن في بيشدر ،
__________________
(١) لم يتحقق المترجم هذا الاسم.