وقد أيدت ذكريات الكثيرين ما سبق الكلام فيه.
شاهدت عن بعد وأنا في طريقي اليوم إلى القصر ثلاثة أعلام عسكرية فظننتها قطعة عسكرية كبيرة تسير ، إلا أنني استغربت عندما علمت أن هذه الأعلام تتقدم جنازة ، وهذه عادة خاصة بكردستان ، أما في كرمنشاه فإنهم يشيعون النعش إلى مرقده بالموسيقى والغناء.
وعندما بحثنا اليوم مع الباشا في تاريخ كردستان ، تجرأت فذكرت استغرابي لقلة اطلاعه على تاريخ عائلته. فأجابني بأدب واحتشام بأن ذلك التاريخ لا يستحق التدوين ولم يكن تاريخ عائلة مالكة ، بل هو تاريخ قبيلة متواضعة. فأجبته ولكن عائلته عريقة شريفة ، فأجابني بأنها لم تكن موغلة في القدم ، ولم يصبح أبناؤها باشوات إلا منذ عصر واحد ، فقلت له بأنني أعرف سلالة عائلته منذ ذلك العهد فوقع قولي في نفسه موقعا حسنا ، وتحركت عنده على الفور عصبيته القبلية وعزته العائلية فانجلت ملامح وجهه وداخله انتعاش لم يكن اعتياديّا. ولا يخلو مطلقا الرجل الذي نزل بنفسه إلى درجة التواضع الديني مثل الباشا من الزهو والافتخار عند طرق هذه المواضيع. وقد قال بعد ذلك بأنه غير شغوف بالتاريخ ما خلا تواريخ الأولياء والأنبياء وبالقدر الذي يمكنه من الوقوف على أحوال عصورهم. أما غير ذلك من التواريخ فإنه لا يقرأ منها إلا الشاهنامة.
٩ تشرين الأول :
فاجأني عمر آغا في هذا المساء مفاجأة سارة إذ جاءني بلفافة طويلة من الورق كالحمائل أو التعاويذ في وعاء من جلد يحمل على الدوام داخل الجيب. وكانت اللفافة تحتوي على سلالات أمراء العائلة البابانية ، من عهد سليمان باشا حتى يومنا هذا. إنه بحث عنها جادا حتى عثر عليها عند أحد الكرد الذين اعتاد أجداده أن يدونوا الوقائع في تلك اللفافة مع ذكر التواريخ ، واقتدى هو أيضا بهم. وكانت الأوراق مكتوبة بالفارسية