على حمار وركبت أنا وأم ميناس التي رافقتني في سفرتي هذه المحفات (الكجوات) واتجهنا إلى حديقة البك ، وخدمي يحيطون بنا على ظهور جيادهم. هذا ولم يسمح لنا صديقنا بأن نمر بداره دون أن ننزل عنده ونتناول بعض المرطبات.
ولما كان زوجي على وشك الشروع بالمسير عند وصولنا ، وكانت الآداب الشرقية تعيب المرء إذا اعتنى بزوجته أكثر من اعتنائه بأمتعة سفره ، أو إذا سمح لها بأن تصحبه في موكبه أو قافلته قبلت الدعوة وانتهزت الفرصة لتناول فطور جيد قبل الرحيل ، وقد قطع زوجي وصحبه في الوقت نفسه مسافة لا يستهان بها من الطريق.
رحلت عند الساعة العاشرة ، وصديقاتي الكريمات وحاشياتهن يبتهلن متمنيات لنا أطيب الأماني. ركبت التخت روان ؛ وفي وصف التخت روان أقول إنه محفة مثبتة على عمودين متوازيين في المقدمة وعمودين متوازيين آخرين في المؤخرة تحمل على ظهور البغال ويعلوها غطاء من قماش أحمر مزوق من الزوايا الأربع بالأكر المذهبة ، أما خادماتي فقد ركبن (الكجوات) وهذه أشبه بأقفاص يحمل اثنان منها على البغل الواحد وعلى كل من جانبيه لتعادل الحمل ، ولسمنة أم ميناس ونحافة (تقي) المسكين فقد كان من الأمور الصعبة المضحكة أن يوضع في كجاوة (تقي) كمية من الأحجار لتعادل ثقل الجانب الآخر. ومهما كان الأمر فالسفر في الكجوات لم يكن مريحا ، إذ على الراكب أن يجلس فيها القرفصاء.
وكان يرافق ركابي ستة فرسان ، ما عدا الخدم والمكاريين.
وعند الخامسة وصلنا مخيمنا بالقرب من قرية (دوخله) ...