يسيء الظن في كل أحد ولا يصدق أحدا. ويسوءني أن أقول بأن الناس جميعا يرتابون منه ، ولا يصدقه أحد.
إنني مضطرة ـ ويسوءني أن أعترف بذلك ـ إلى الانتظار مكرهة عدة أيام قبل أن أرى علامة بريد (مردخ) المحبوبة. فأي مكان هذا الذي سأتسلم فيه كتبا خطها أعز الناس وأكثرهم كمالا وأحبهم إلي ، كتبا ممن يقطنون الأنحاء الجميلة في أبدع وأسعد بلاد العالم. أواه لو كان باستطاعتي أن أعطيكم فكرة عن البلاد الوحشية المحرقة التي نحن فيها ؛ حقّا عليكم أن تحبوا إنكلترا وطنكم العزيز.
رحلنا في السادسة والثلث ، ومضينا نسير حتى الثامنة في أوحال كثيرة ومزارع حبوب جميلة حتى وصلنا قرية في نهاية سلسلة طويلة من تلال واطئة ، تنعت في هذا المكان (مطارا) ولكنني أعتقد أنها لم تكن إلا امتدادا من تلال كفري. استدرنا كثيرا في مضيق تكسو أرضه الأحجار الرملية ، ويجري فيه جدول ماء لطيف والصخور الكبيرة منتشرة في جميع أنحائه. وقد جابهنا المصاعب الكثيرة في سحب التختروان في بعض الممرات الضيقة الزلقة. والبغال المسكينة كانت تنزلق انزلاقا رديئا ، ولم تنج من السقوط على الأرض أحيانا إلا ببذل جهد جهيد. وبعد أن جاوزنا الممر جوبهنا ببحر مرعب من تلال الأحجار الرملية الجرداء ، ممتد إلى أبعد ما يدركه البصر ، لا خضرة فيها إلا بعض مزارع حبوب قائمة في القليل من أنحائها ....
... وبعد الحادية عشرة بقليل وصلنا قرية (ليلان) وهي على بعد خمس ساعات من كركوك ، فوجدنا فيها كوخا أخلي من قاطنيه لسكنانا. تعود هذه القرية إلى عبد الله أفندي متولي الإمام الأعظم ، وقد تعرفت على عائلته في بغداد معرفة جيدة. وهو الآن هنا ، وقد أرسل إلينا هدية مؤلفة من خمس قطع من الجبن الطري اللذيذ ، وبعض الزبدة الباهرة واللبن الرائب ، إنني لا أستطيع وصفه ، لكنه من أجود مستحضرات