٢٠ أيار :
مرت فترة طويلة لم أدون مذكراتي فيها ، ومنذ دخولي السليمانية بلغت حياتي من العزلة بحيث لم أر إلا القليل الذي يستحق التدوين ، ولكنني كنت كثيرة الكتابة عن طريق الرسائل. فمنذ دخولي الدار لم أبرح الحرم إلا مرة واحدة للذهاب إلى الحمام ...
٦ حزيران :
علي أن أقضي اليوم بصحبة عائلة الباشا ، ولما كانت العادة في الشرق توجب على الزوار أن يقضوا يومهم ـ بالمعنى اللفظي ـ في الزيارة ، أكملت استعدادي في العاشرة ، فجاءتني امرأة من القصر لتدلني على الطريق إلى الحرم. لقد صحبتني أم ميناس وخادماتي ، وسرنا متحجبات تحجبا كاملا ولم يكن علينا أن نمشي كثيرا لأن بيتنا كان قريبا من القصر ، إن مدخل الحرم لا يمر من ساحة القصر الخارجية ، بل كان من وراء الحرم ذاته وكانت بابه صغيرة جدّا اضطررت على الانحناء كثيرا لأستطيع المرور منها.
استقبلتني هنا الكيوانيات ـ القهرمانات ـ ومن ورائهن رهط من الجواري وقد سارت قهرمانه عن يميني وأخرى عن يساري وقادتاني إلى السلم فصعدناه ، وعند باب غرفة واسعة استقبلتني زوجة الباشا نفسها ، ومن ورائها إحدى شقيقات الباشا وعدة سيدات من العائلة. أديرت القهوة (١) والحلوى و (الشرابت) والغلايين كما هو المتبع ، وقد ضاق صدري وانهدّت قواي لمراسيم المجاملات المعتادة هذه. ولكنني رأيتهن بعد انتهاء هذا الفصل من المجاملة الضرورية قد تخلين عن كل
__________________
(١) لم يأت ذكر الشاي حتى الآن في مذكرات الزوجين ، ويظهر أنه ما كان معروفا في العراق في ذلك العهد ـ المترجم.