المراسيم ، ورجعن إلى دماثة أخلاقهن وبشاشتهن وعدم تكلفهن وهن يسعين سعيا حثيثا لإراحتي.
إن عادلة خانم ، زوجة الباشا هي بنت عثمان بك ، وعلى هذا فإنها من أقرباء زوجها. وفي الحقيقة أن جميع أعضاء هذه العائلة العديدين قد تناسبوا وتزاوجوا فيما بينهم ؛ وهم لا يتزاوجون مع الغرباء. وعادلة خانم في السبعة والعشرين أو الثامنة والعشرين من عمرها ، وهي طول من غيرها من نسوة العائلة ، حنطاوية اللون سوداء الشعر ، ذات عينين ناعستين ، ومظهر جميل لا غموض فيه ، وملامح رقيقة ، جذابة في سيمائها. وقد دل مظهرها على أنها حزنت كثيرا في أيامها ، فقد رأيت في تصرفها الاستسلام الجليل والتؤدة الرزينة الأمر الذي أثر فيّ التأثير كله. وهي زوجة الباشا الوحيدة وهما مرتبطان ببعضهما كل الارتباط ، وقد زادهما حزنهما المشترك لموت الكثير من أولادهما الذين أودى الجدري بهم ، حبا وتعلقا. ولم يكن عندهما الآن إلا طفل واحد (١) وهي وإن كانت تحن إليه حنانا رقيقا فإنها تتحدث عنه وكأنها لا تتوقع بقاءه لها ولزوجها. فكانت إذا نظرت إليه ترقرقت عيناها بالدموع وقالت : «إنه ليس لي ، إنه لله ، ولا مرد لأمره». حدثتها عن ضرورة تلقيحه ضد الجدري فأصغت بعناية إلى ما حدثتها عنه من فوائد التلقيح ، لكن اليأس كان لا يزال باديا عليها في توقع عدم جني أية فائدة منه.
لقد شجعتني وأحيت أملي ، في قبولها العمل بما قلت لها إذا جلبت لها اللقاح ، ولكنها أنهت قولها بالكلمات التالية : «لا بد من الانصياع إلى إرادة الله ، فالله أعلم ، وعلينا أن نثق به» لقد عزمت على الكتابة فورا
__________________
(١) كنت مخطئة في ذلك ، إذ كان لها ولدان ، كان أكبرهما رهينة في كرمنشاه ، ويحتمل أن قد أصيب بالجدري سابقا ، وإن قلق أمه لم يكن كالقلق الذي تشعر به نحو طفلها الأصغر الذي لا يزال معرضا لخطر الإصابة بالجدري والذي تتكلم عنه وحده.