وفي الساعة الثانية إلا عشر دقائق بلغنا (بين كودره) وهي قرية كبيرة يملكها حسن آغا من رؤساء الكرد في (باجه للان). وقد هرع لزيارتي في خيمتي وكان يرتدي حلة قشيبة مقصبة بالذهب عليها عباءة من الفرو الثمين ارتداها لهذه المناسبة ، وكان يتكلم التركية بذلاقة وهو مضياف كبير لم يسمح لي بشراء أي شيء من قريته باعتباري «مسافره» أي ضيفه الخاص. وفي اللّيل خرجت القرية بأجمعها لرقصة الدبكة «الجوبي» على أنغام الطبل الكبير والمزمار. ولزيادة أنسنا جعلوا سليم آغا ينضم إلى حلقتهم. وقبل أن يبدأ الاحتفال قدم حسن آغا لزيارتي وقد تم الاتفاق على أن يعد رمثا «كلكا» نتمكن به من عبور ديالى الذي يبعد نحو نصف ساعة عن هذا المكان (١).
امتطينا جيادنا في الساعة السابعة من الصباح التالي ، وهنا ودعت دليلي الكيس سليم آغا فعاد إلى خانقين. أما أنا فقد سرت مع رئيس هذه المنطقة نحو (ديالى) التي بلغناها بعد ساعة من الزمن. وكان طريقنا إليها مستنقعا كونته مياه النهر الفائضة. وقد شاهدنا كثيرا من أشجار الصفصاف والحور ، وبعد مغادرتنا القرية مباشرة مررنا بأكوام من الخرائب تدعى (قطار ته به سي) (٢) أي تل الحجل ، وقد زعموا بأن (أنوشيروان) كان يضع بغاله هنا ؛ وقد شاهدنا أطلال أبنية كثيرة على طول نهر ديالى.
وحالما بلغنا نهر ديالى عبرته جيادنا سباحة بمساعدة بعض العربان ، وأعد رمث «كلك» لعبورنا نحن وأمتعتنا. ولما كان الرمث صغيرا فقد
__________________
(١) إن المسافة بين (بين كودره) وزهاو تسع ساعات ، وإلى خانقين بطريق الجبال مباشرة ثلاث ساعات. و (بين كودره) تقع على الجنوب ٨٠ درجة غربا من (حوش كه رو) وهي معدودة من الأراضي الإيرانية.
(٢) لم يتحقق المترجم تركية هذه التسمية. ولعل أن تكون كلمة (قطار) جاءت غلطا من (القطا) وعندئذ لا يصح ترجمتها ب (تل الحجل). والقطا في التركية «باغرتلاق».