ويشبه ممر (كفري) في هيئته ومظهره ، وإن كان بمقياس أوسع. وإلى الجانب الغربي من التل الذي يقابل السهل نجد الطبقات الأرضية أفقية متوازية ، أما في الجانب الشمالي من الممر فإنها مائلة نحو الأسفل بزاوية ٤٥ درجة ، وهي مقوّسة أو محدبة نوعا ما. والتلال في الطرف الجنوبي ترابية أكثر ، وقد خددتها الأمطار وفتتها تارة في قسم منها بعض الأعمدة منعزلة. ويمكن لنا القول في الحقيقة بأن حفرة البئر واقعة في هذه الردم على حافة قاع المسيل ، والجبس ظاهر في كل ناحية ، والتلال في الطرف الشمالي متكونة من حجر رملي ، وتحت كل هذه الأتربة والأحجار الرملية ـ كما شاهدت ذلك في طاق أو مقلع في أسفل الجرف ـ ألواح من الصلصال (Clay Slate) أو صلصال متحجر أزرق. أما المياه فتنصبّ جميعها في الاتجاه الشمالي من الممر حيث شقت التلول فجعلت منها وهدة أو جرفا. ويوجد على أعلى الجرف أنقاض سور حصن قديم يصعب معرفة تاريخه ، وقد يكون ساسانيّا. وفي حضيض الجرف غور صغير في صخرة يحوي نفطا ، وقد عقد على الغور طاق بكتل أحجار جبسية مربعة كبيرة ، والظاهر أن هذا البناء قديم العهد جدّا. وفاتني أن أذكر وجود جذع خشب فوق سطح الماء في بئر النفط الكبير ، وقد ثبت من طرفيه بجانبي البئر ، ويقال إن هذا الجذع قديم ، كقدم عهد الكاوور ، وإنما دام بفضل النفط وكرامته. وينسب الناس أيضا الحصن إلى الكاوور (١). وفي الأرض فوق حضيض تل الحصن بالقرب من حفرة النفط الصغيرة شاهدت الكثير من البقع الصفراء اللامعة ، تنتشر منها رائحة كبريت قوية. والأهلون يعتقدون بأن الجرف هذا هو حامي مدينة (طوز خور ماتو) العتيد ، وهم يدّعون بأنه يدرأ السيول عن المدينة. وعلى قمة التلال في الجانب الشمالي من الممر مقام صغير ، يطل على السهل ،
__________________
(١) إن أصل كلمة (كاوور) «كه به ر» ، أو عابد النار. وهي الآن مترادفة إلى كلمة (كافر) وتطلق على الذين سبقوا المسلمين في العهد وعلى الأوروبيين كذلك.