جاي) العظيم الجريان ، الذي ينبع من كردستان ، ويستحيل هذا النهر عنه مزوره على يمين طريقنا المقرر مجتازا (قه ره حسن) إلى جداول كثيرة فيروي مزارع قرى عديدة ، كلما اقتضت الحاجة. وتستهلك أكثر مياهه في الصيف للزراعة. وفي الخريف لا يزيد هنا عمق الماء على القدم ، أو القدم ونصف القدم. ولا يقتصر ماؤه على إرواء هذه القرية بل يتعداها إلى إرواء الكثير من القرى الواقعة في غربها وشمالها. وعندما يشتد هطول الأمطار في موسمي الشتاء والربيع يصبح جدولا هائلا جدّا ، فيمتلئ مجراه الذي يقارب نصف الميل في عرضه فيسيل سيلا مخيفا مكتسحا الصخور الكبيرة ، وحافرا في قاعه الحفر والفجوات التي تجعل عبوره أو خوضه محفوفا بالأخطار دوما ، أو غير ممكن إطلاقا. وقد ترتفع مياهه ارتفاعا فجائيّا. وعلمنا بأن مياهه كثيرا ما فاجأت الناس وهم في وسط مجراه أثناء عبورهم ، فغرقوا أو أنهم انتشلوا بصعوبة. وقد ارتفعت مياه (طاووق جاي) في الأيام الأخيرة ارتفاعا عظيما جدّا ، على أثر سقوط مطر شديد ، وقد شوهد عدد من الغرقى وأشلاء الحيوانات طافية على سطحه ؛ وهذا ما حدث أيضا في أيام الأمطار الغزيرة الخارقة للعادة ، والتي هطلت في الصيف الماضي. أما الآن فقد وجدناه سهل العبور جدّا. وقد استقبلنا الضابط وبصحبته خمسون رجلا تقريبا (بطبولهم ومزاميرهم ونقاراتهم) ، لمساعدتنا في عبورنا وعبور أمتعتنا. وعند العبور وجدنا في وسط المجرى ساقيتين كان عمق الأولى منهما قدمين ونصف القدم وعرضها عشر ياردات أو اثنتا عشرة ياردة ، أما الثانية فعمقها ثلاثة أقدام ونصف القدم تقريبا وعرضها يتراوح بين العشرين والثلاثين ياردة ، وكلتاهما سريعة الجريان ، أما قاعاهما فكانا مفروشين بالجلاميد الكبيرة. ولقد كان العبور أكثر صعوبة أمس ، إلا أن المياه انخفضت خلال الليل ، وبالرغم من ذلك فقد ألقت الرعب غير القليل في قلوب البعض من البغداديين من حاشيتي.