استغرق عبورنا لمجرى النهر كله عشرين دقيقة ، ثم تركنا الضابط وجماعته لإبداء المساعدة إلى التختروان. وبعد أن نعمنا باحتساء القهوة تحت الشمسية (المظلة) امتطينا الجياد نحو القرية وكانت المسافة بيننا وبينها ميلين قطعناهما بنصف ساعة (١) ومررنا بمنارة جميلة قديمة على يسارنا مشيدة بالطابوق ، يظن أنها من بقايا عهد الخلفاء ، كما مررنا ببعض المزارات أو المقامات التي يحج إليها الأمر الذي يدل على أن المكان كان فيما مضى مكانا واسعا ، ولكن القرية الحالية حقيرة جدّا وهي تشمل على منزل فيه ستون جوادا. وقبيل الوصول إلى ال (جاي) أو المسيل رأينا على مسافة ميلين عن يسارنا قرية (علي سراي) وعن يميننا وعلى مسافة ميل واحد وعلى الضفة اليمنى من المسيل مقام (زين العابدين) ، يلجأ إليه كثير ممن يشكون آلام العيون وأوجاعها.
لقد قلقت كثيرا عند التأهب للمرحلة الأخيرة التي ما كنت أتوقع بلوغ منتهاها إلا بمشقة ، إذ قيل إنها تستغرق سبع ساعات. وفي الواقع فقد قطعناها بخمس ساعات ونصف الساعة. وعند وصولنا كان في استقبالنا وفد مؤلف من شيوخ القرية يتقدمهم «الملالي» ، وكان من بينهم رجال طوال القامة وسيمو الطلعة.
__________________
(١) كان معدل سفر المستر (ريج) يتراوح بين الثلاثة أميال وربع الميل وبين الأربعة أميال في الساعة. وفي المسيرات القصيرة أو في أواخر المسيرات ، كانت الجياد تقطع أربعة أميال ونصف الميل. أما ساعة القوافل «كراوين» التي يعول عليها الأهلون فثلاثة أميال ، وأما ساعة الخيال فثلاثة أميال ونصف الميل.
وفيما يلي مقتبس من مذكرات المستر ريج : ـ إن سرعة التنقل على «جابقوون» رهوان جيد ـ موقت بسرعة سيره تمام التوقيت ـ تقدر بخمسين خطوة في عشرين ثانية أي ١٥٠ خطوة في الدقيقة ، أو ٩٠٠٠ خطوة في الساعة. وبعد إسقاط ما يمكن أن يقع من فروق الخطوات والياردات نستطيع أن نعتبر المعدل أربعة أميال في الساعة وقد تأكد لدي أن خطوات الجابقوون أو الرهوان هي خير الخطوات اتساقا وانتظاما.