وكان الرائد «مهماندار» محمد آغا يصر على مسك ركابي عندما أمتطي جوادي ، بالرغم من رجائي المتكرر له بألا يفعل ذلك. قال لي بأنه يقوم بهذه الخدمة من أجل محمود باشا ، وأنه يرغب في اعتباري كمحمود باشا. وكان الآغا ممن قاد مفرزة احتلت هذه القرية ونهبتها في العام الماضي ، وذلك عندما اتفق محمود باشا مع نجل شاه إيران ، شهزادة كرمنشاه ضد الأتراك. ويظهر لي أن القرويين يحرصون على خطب وده ، درءا لزيارة أخرى منه في المستقبل لقريتهم كزيارته الأولى ، وقد تقدم الكثيرون ولثموا يده ، ولكن ما إن ولاهم ظهره حتى قالوا : «لا أراه الله خيرا ، إنه هو الذي نهب قريتنا في العام الماضي».
درجة الحرارة ٦١ درجة في الصباح ، و ٧٢ درجة في الثالثة ب. ظ. و ٦٦ درجة في العاشرة بعد الظهر. الريح شرقية صباحا ، نهار رائق ، وفي الثالثة تلبدت السماء بالغيوم ، إلا أن الجو بقي هادئا.
٢ أيار :
على أثر علمنا بوجود خرائب بجوار القرية تستحق المشاهدة ، عولنا على زيارتها صباح اليوم وقد ألفيناها تشتمل على المنارة التي رأيناها أمس ، وعلى بقايا جدار من طين ، قلعت واجهته المبنية من الطابوق. ورأينا مدخلا صغيرا ، هو أثر معماري جميل جدّا ، على طراز التكية ، والمستنصرية ، وخير آثار عهد الخلفاء ببغداد (١). لقد شاهد (أوليفر) هذه الخرائب ، ولكنه نقل أخبارها إلينا فنسبها إلى (طوز خور ماتو) ، دون أن يكون لذلك أي داع. وهذا ما يدعونا إلى الظن بأن مذكراته ، أو أن
__________________
(١) المستنصرية ، جامع في بغداد من آثار عهد الخلفاء. والتكية ، زاوية الدراويش البكتاشية ، وهي على ضفاف دجلة إلى جانب الغربي من المدينة ، وهي أنموذج جميل للهندسة المعمارية الإسلامية القديمة ـ الناشرة.