وأرى أن وصف هذه الدار مما يساعد على معرفة غيرها من الدور الجيدة في السليمانية ، فهي بناء مربع ذو طابق واحد مبني على دكة مشيدة من اللبن ـ الطابوق المجفف بحرارة الشمس ـ ارتفاعها ثلاثة أقدام تقريبا مملوطة جدرانها بالطين الممزوج بالتبن. وقد طليت جدران غرفة واحدة أو غرفتين منها بالنورة فوق طبقة الطين ، وسقفها مسطح مؤلف من جسور وعوارض تعلوها طبقة من التراب. والبناء كله قائم في وسط حريم واسع أو كما يعبّر عنه في الهند في وسط محيط ، وينقسم هذا الحريم إلى فناءين بجدار يتصل بجانبي البناء بالقرب من منتصفه جاعلا القسم الأمامي منه حريما والقسم الخلفي منه حريما آخر وهكذا يتفرع إلى فرعي الحرم (١) والديوان (ديوانخانة) (٢) ، وليس ثمة باب يصل بين الفناءين من داخل بناية الدار ذاتها كما هي الحالة في جميع البيوت التركية ، بل يجب أن ندخل من باب في الجدار الذي يقسم الحريم إلى فناءين ، وذلك مما لا يرتاح له المرء في الحالات الجوية الرديئة بوجه خاص. كانت ساحة كل من الفناءين معشوشبة وقد غرزت فيهما أشجار الصفصاف والحور والتوت وأنجم الأزهار في أخاديد ولوحات صغيرة. ويجري في أفنية بيوت السليمانية جدول ماء صغير يسيل من الجبال في الكهاريز. والظاهر أن تقسيم الغرف لا يستند على تصميم ، وعلى كل حال لم أتمكن شخصيّا من الوقوف على أي نظام أو طراز في بناء الدور ما عدا وجود طرار في فرعي الحرم والديوان. والطرارات غرف مكشوفة أمامية مخصصة لاستقبال الزائرين وللنوم في الصيف فيها بوجه عام ، ولا ينام أحد فوق السطوح إلا الفقراء الذين لا طرارات في بيوتهم. هذا وفي أيام الحر الشديد التي لا تستمر إلا مدة شهر واحد ، يستعمل البعض دكات أو مصطبات واطئة لذلك الغرض ، وفي الصيف يشيد الكثيرون
__________________
(١) مقصورة النساء من البيت.
(٢) قسم من البيت يستقبل به رب الدار ضيوفه ويسكنه الرجال من الخدم.