سرادق من القش ـ جارداق ـ أو من الأغصان فوق حوض صغير في ساحة الدار ، أو ينصبون خيمة تخلصا من البراغيث وهي من المزعجات الفظيعة في جميع أنحاء الشرق ، ويقال إنها لا تطاق في هذه الربوع خاصة.
وهناك في الديوان ردهة أو بهو واسع خال يستند على أعمدة يكاد أن يكون مظلما ، ويقال عنه إنّه ملجأ بارد في الصيف ، لكنه لا بد أن يكون بؤرة تعج بالبراغيث. وهنالك بلية أعظم هي بلية العقارب التي يقال إنها كثيرة وكبيرة وسامة ، وتوجد هنا أيضا أمهات الأربع والأربعين ، إلا أنني أعتقد أنها لا تثير الكثير من الرعب في القلوب ، وكذلك الأفاعي وهي كبيرة وعديدة ويقال عنها إنها سامة أيضا.
أما غرف الدار الشتوية فيدخل إليها من مجازات طويلة معتمة ومنظرها مما لا يثير الرغبة في مشاهدتها من قريب. وفي الحقيقة إنني كنت أتجنب البقاء في داخل الدار وأفضل أن أكون خارجها على قدر المستطاع.
أما البيوت الاعتيادية الأخرى فهي زرائب من الطين ، ويظهر أن المكان بكامله يحاكي قرية عربية كبيرة ، وهي مكشوفة تماما ، ويلوح أن الناس لا يهتمون لذلك إذ وجدنا النساء يخرجن مع الرجال سوية لإنجاز واجباتهن البيتية دون أن يتحجبن. ومع ذلك تحتوي هذه المدينة الحقيرة المظهر على خمسة خانات وجامعين معمورين وحمام واحد جد أنيق. وقد قدر خير المقدرين من الكرد نفوس السليمانية بعشرة آلاف نسمة بما فيهم موظفو الحكومة وتوابع الأمراء ، أما المواطنون الاعتياديون فهم من القرويين المزارعين.
وحالما وصلت الأمتعة نصبت خيمة بعمودين فجعلتها ديوانا أو غرفة استقبال ، وبعد أن زوقتها بأسلحتي وفرشتها بسجادة جميلة ومدات تلطف الباشا فأرسلها إلي ، أصبحت غرفة استقبال غربية لا يزدرى بمظهرها ، ومما لا شك فيه أنها أصبحت أبهج وأحسن من أي غرفة في