المدينة. ونصب السباهيون ـ الجنود الهنود ـ خيامهم في ساحة الدار كذلك وحذا حذوهم البعض من جماعتي من الذين لم ترق لهم حالة ملاجئهم.
ولم تصب استعداداتنا في الحرم في الليلة الأولى النجاح المطلوب ، وقد جربنا أحسن الغرف تهوية ولكن مما يؤسف له أن الحر والروائح الخانقة وأسراب البرغش أبانت سخف مساعينا فسحبنا سررنا إلى «الطرار» وخبنا هنا أيضا فبقينا مسهدين حتى الفجر من جراء هذه المزعجات الكردية. ولو تمكنت من الرقاد بضع ساعات لكان ذلك من النعم الكبرى علي ، وأنا على ما عليه من الإرهاق العصبي.
درجة الحرارة في الخامسة قبل الظهر ٦٢ د ، وفي الثالثة والنصف بعد الظهر ٧٥ د ، وفي العاشرة بعد الظهر ٦٨ د ، هبات ريح جنوبية ، يوم مزعج ومطر قليل.
١١ أيار :
زارني الكثير من السادة الكرد ، واقتطفت منهم شتى المعلومات عن بلادهم. لقد طلب أمان الله خان والي (سنه) ذات مرة من عبد الرحمن ، باشا السليمانية أن يخبره عن الدواعي التي تمنع خدمه من مرافقته إلى منفاه بالرغم من معاملته إياهم معاملة حسنة ، وعدم إظهارهم تعلقهم به في أوقات المحن والحرمان كما أظهر ذلك الكرد البابانيون حيال أمرائهم على الدوام. وكان جواب عبد الرحمن باشا الكبير على ذلك جوابا فذّا في بابه إذ قال «إنك لست رئيس عشيرة وليس رجالك رجال عشيرتك ، وقد تلبسهم وتطعمهم وتغنيهم إلا أنهم ليسوا أبناء عمومتك ، بل هم خدم ليس إلا».
وفي الواقع إن تعلق الكرد برؤسائهم شديد جدّا ، فهم يعيشون في بغداد مع أسيادهم في حالة نفي منكرة يكافحون فيها شظف العيش وكل