في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحسن من النفس العجز عن المزيد فيه (١).
فإذا كان كذلك فلم كان صلىاللهعليهوآله يتوقف في العديد من الأحكام حتى يرد عليه الوحي من قبل الله تعالى ، وقد كان بإمكانه الاجتهاد في ذلك وعدم الانتظار؟ ثم إنّ في الاعتقاد بذلك مدخلا خطيرا يضعف القول القطعي بأن الشرع الذي جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآله هو من الله تعالى ، كما أنّه يوهن الثقة المطلقة بأحكامه صلىاللهعليهوآله طالما أن الاجتهاد محتمل الحالتين : الخطأ والصواب ، وذلك منفي عن الرسول صلىاللهعليهوآله قطعا.
نعم لقد رحل رسول الله صلىاللهعليهوآله وخلف لامته شيئين اثنين ، جعلهما المرجع السليم لهذه الأمة عند الاختلاف ، ألا وهما : كتاب الله عز وجل ، وعترته أهل بيته عليهمالسلام ، بنص قوله صلىاللهعليهوآله : « إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(٢).
إلا أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يتخلفوا عن امتثال أمره حتى قبيل موته صلىاللهعليهوآله ، فكانت أولى هذه المسائل قضية الخلافة الشرعية عنه صلىاللهعليهوآله ، فخالفوا في ذلك النص الصريح ، والأمر الواقع ، فكان في ذلك أول خروج عن الخط النبوي القويم ، وأوضح انحراف عن الالتزام بالشق الثاني المتمثل بالثقل الآخر الذي خلّفه رسول
__________________
١ ـ الأحكام ٤ : ٣٩٦.
٢ ـ سنن الترمذي ٥ : ٦٦٢ / ٣٧٨٦ ، ٦٦٣ / ٣٧٨٨ ، مسند أحمد ٣ : ١٧ و ٥ : ١٨١ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٠٩ و ١٤٨ ، أسد الغابة ٢ : ١٢.