الدين ».
إلا أن التمايز التدريجي للمعارف الدينية المختلفة ، وتبلور الشكل المستقل لهذا العلم ، واستقلاله بقواعد وأحكام حيث انحصر بحدود الأحكام الشرعية الخاصة بأفعال المكلفين أدى إلى خروج الفقه اصطلاحاً عن حدود المعنى السابق ليدخل مرحلة أخرى من مراحل تطوره ، وليصبح له مدلوله المقتصر على الأحكام العملية ، أي ما يسمى بالعبادات والمعاملات ، وحيث يستمر في التطور والترقي عند ما يتوسع الفقهاء في مدلول كلمة الفقه هذه ، وذلك الاجتهاد المختص ، فأصبحت هذه الكلمة تطلق على العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية بطرقها المختلفة ، أو المستمدة من الأدلة التفصيلية (١) ومن خلال هذا الاستعراض الموجز يظهر بوضوح أن الفقه هو ـ تحديداً ـ العلم بالأحكام العملية دون الاعتقادية ، وأن الاجتهاد يتأطر ضمن المواضع التي ليس لها أحكام قطعية تدل عليها النصوص الثابتة التي لا تحتمل خلافاً ، فلا يسمى العلم بالضروريات فقهاً ، ولا الاعتقادات ولا الموضوعات الخارجية ، بل يختص بالأحكام الفرعية الظنية المستنبطة.
بين الفقه والفقهاء
لعل التأمل في المكانة التي تحتلها الفقه والفقهاء في نظر الشارع المقدس إليهما تظهر بوضوح عمق الأثر الذي لا يمكن الاعراض عنه في حياة البشرية جمعاء ، والمسير الحثيث نحو الآخرة المطمئنة السعيدة.
__________________
١ ـ في كتب معالم الأصول ( ص ٦٦ ) : والفقه في الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.