قال : وهذا التحديد يدخل عرنة فى عرفة .. انتهى.
وحد عرفة من جهة مكّة ـ الذى فيه هذا الاختلاف ـ قد صار معروفا بما بنى فى موضعه من الأعلام ، وهى ثلاثة : سقط منها واحد ، وبقى اثنان. وفيها أحجار مكتوب فى بعضها أن المظفر صاحب إربل أمر بإنشاء هذه الأعلام الثلاثة بين منتهى أرض عرفة ، ووادى عرنة ، لا يجوز لحاج بيت الله العظيم أن يجاوز هذه الأعلام قبل غروب الشمس ، وفيه مكتوب بتاريخ شعبان سنة خمس وستمائة (١).
والمسجد الذى يصلى فيه الإمام بالناس فى يوم عرفة ليس من عرفة ـ بالفاء ـ ؛ على مقتضى ما ذكر ابن الصلاح والنووى.
وكلام المحب الطبرى يقتضى أنه منها.
وقيل : إن مقدمه من عرنة ـ بالنون ـ ، ومؤخره ـ بالفاء ـ من عرفة.
ويظهر ثمرة هذا الخلاف فى إجزاء الوقوف بهذا المسجد.
وتوقف مالك فى ذلك ، ولأصحابه قولان فيه : بالإجزاء ، وعدمه.
وأفضل المواقف بعرفة : الموضع الذى وقف فيه النبى صلىاللهعليهوسلم ، وهو قريب فى الموضع الذى تقف فيه المحامل التى تصل من مصر والشام والعراق ، فى غالب السنين ، وهو مكان معروف عند الناس.
وسميت عرفة عرفة : لتعارف آدم وحواء فيها ؛ لأن آدم أهبط إلى الهند ، وحواء إلى جدة ، فتعارفا بالموقف.
وقيل : لتعريف جبريل المناسك بها للخليل.
وقيل : لاعتراف الناس فيها بذنوبهم.
إلى غير ذلك من الأقوال التى ذكرناها فى أصله الأكبر.
الثالث عشر : عُرَنة ـ بالنون ـ ، الموضع الذى يجتنب الحاج فيه الوقوف ، وهو بين العلمين اللذين هما حد عرفة ، والعلمين اللذين هما حد الحرم من هذه الجهة.
__________________
(١) إتحاف الورى ٣ / ٨ ، والعقد الثمين ٧ / ١٠٠ ، ١٠١.