قوما أمسكت عن ذكرهم ، قال يحيى : إن ترك عبد الرّحمن هذا الضرب ترك كثيرا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو سعيد ـ يعني الأشج ـ قال : قال أبو نعيم :
رأيت سفيان جاء إلى عمر بن ذرّ جلس بين يديه ، فجعل يسأله ولا يكتب ، فقال له عمر بن ذرّ : أين منزلك؟ قال : ناحية الكناسة ، قال : لعلك سفيان بن سعيد ، فقام سفيان فاتبعته إلى صحراء أثير (١) فرأيته جلس فأخرج ألواحه من حجزته فجعل يكتب ، قال أبو نعيم :
فقيل لسفيان ـ يعني بعد ما مات ابن ذرّ ـ قال : ليس في الموت شماتة ، قال أبو سعيد : قلت له : لم يا أبا نعيم؟ قال : لأنه كان يقعد به يقول قوم يشكّون في إيمانهم.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا علي بن محمّد بن محمّد الخطيب ، أنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن يوسف العلاف ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا مجاهد بن موسى نا ربعي بن إبراهيم ، حدّثني جار لنا يقال له : عمر ، أن بعض الخلفاء سأل عمر بن ذرّ عن القدر؟ فقال : هاهنا شيء عن القدر. قال : وما هو؟ قال : ليلة صبيحتها يوم القيامة ، قال : فبكى وبكى معه.
حدثنا أبو الفضل بن ناصر (٢) ، لفظا ، وأبو عبد الله بن البنا قراءة ، عن أبي المعالي محمّد بن عبد السلام ، أنا أبو الحسن بن خزفة (٣) ، أنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، نا ابن أبي خيثمة ، نا (٤) محمّد بن يزيد ، قال : سمعت عمي (٥) يقول : خرجت مع عمر بن ذرّ إلى مكة ، فكان إذ لبّى لم يلبّ أحد من حسن صوته ، فلما أتى الحرم قال : ما زلنا نهبط حفرة ونصعد أكمة ونعلو شرفا ويبدو لنا علم حتى أتيناك (٦) بها نقبة أخفافها ، دبرة ظهورها ، ذبلة أسنامها ، فليس أعظم للمئونة (٧) علينا إتعاب أبداننا ، ولا إنفاق ذات أيدينا ، ولكن أعظم المئونة أن نرجع بالخسران يا خير من نزل النازلون بفنائه (٨).
__________________
(١) صحراء ، أثير ، بالكوفة ، (معجم البلدان).
(٢) في «ز» : نصر ، تصحيف.
(٣) بالأصل : خرفة ، وفي م : حزفة ، تصحيف ، والتصويب عن «ز».
(٤) «نا» سقطت من «ز».
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : سمعت أبا سعيد يقول.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : أتينا بها.
(٧) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» ، والمختصر : أعظم المئونة.
(٨) الخبر في سير أعلام النبلاء ٦ / ٣٨٧ وتهذيب الكمال ١٤ / ٦٣.