ثم التقيا ، فبدأه عليّ فقتله ، فلمّا قتل حريثا نهد إليه عمرو بن الحصين السّكسكي فقال : يا أبا الحسن ، هلمّ إلى المبارزة ، فشدّ على عليّ ، فأثنى عليه عليّ هو يقول :
ما علّتي وأنا جلد صارم |
|
وعن يميني مذحج القماقم |
وعن يساري وائل الخضارم |
|
والقلب مني مضر الجماجم |
أقسمت بالله العليّ العالم |
|
لا أنثني إلّا بردّ الرّاغم |
فحمل عليه عمرو ليضربه بالسيف ، وبدره سعيد بن قيس ، فطعنه بالرمح ، فدقّ صلبه.
فقام عليّ بين الصّفّين ، فنادى : ويلك يا معاوية ، أبرز إليّ علي ما نضرب بعض الناس ببعض؟ فالتفت معاوية إلى عمرو بن العاص فقال له : ما ترى يا أبا عبد الله؟ فقال له عمرو : قد أنصفك الرجل ، واعلم أنك إن نكلت عنه لم تزل سبّة (١) عليك ، وعلى عقبك ، فقال له معاوية : يا ابن العاص أمثلي يخدع عن نفسه؟ والله ما بارز ابن أبي طالب رجلا إلّا سقى الأرض من دمه.
قال : وحدّثني نصر (٢) ، حدّثني عمرو (٣) بن عبد الملك بن سلع ، نا أبي عن عبد خير قال :
خرج عمرو بن الحصين السّكسكي بعد قتل علي حريثا ، فقال عمرو : من يبارز ، فخرج إليه رجل من أصحاب علي فقتله عمرو بن الحصين ، ثم قام على ظهره ثم نادى : هل من مبارز؟ فخرج رجل من أصحاب علي ، فقتله ، وقام على ظهره ثم نادى : هل من مبارز؟ فخرج إليه علي ، ففرقت عليه همدان (٤) لما رأوا من شجاعة الرجل ، فلما رآه السّكسكي بدأه بالحملة ، قال : ويشد عليه سعيد بن قيس الهمداني من خلف عليّ حين بدر إليه علي فطعنه فدق ظهره ، ثم إنّ عليا دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه رجل من أصحاب معاوية ، فقتله علي ، ثم دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه رجل آخر فقتله علي ، ثم دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه الثالث فقتله علي أيضا ، ثم انصرف علي إلى أصحابه وقد اجتمعت له همدان ، فقالوا له : يا
__________________
(١) الأصل : شبه ، والمثبت عن م ، و «ز» ، ووقعة صفين.
(٢) راجع وقعة صفين ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤.
(٣) «عمرو بن» استدركنا على هامش «ز» ، وبعدها صح.
(٤) «ز» : همذان ، تصحيف.