منه تحرّي الحقّ والوصول إلى الحقيقة ـ مضافا إلى الحجّة المعتبرة ، تلك الآداب التي جاءت الإشارة إليها في القرآن الكريم ( بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) فأهمّها :
١ ـ أن يدلي برأيه والحجّة المعتبرة عنده بكلّ رفق وسكينة ووقار.
٢ ـ أن يختار لمطلبه الألفاظ الواضحة والعبارات الجميلة.
٣ ـ أن يجتنب السبّ والشتم.
٤ ـ أن يجتنب الأساليب الملتوية ، والخروج عن البحث ، بما يشوّش على الخصم فكره.
٥ ـ أن لا يتصرّف في كلام الخصم بزيادة فيه أو نقصان ، ولا ينسب إليه شيئا لا يقول به أو حجّة لا يعتبرها.
هذا إذا كان البحث والجدل بالكتابة.
وأمّا إذا كان بالقول ، فيضاف إليها آداب أخرى ، كأن لا يقاطعه كلامه ، وأن لا يرفع صوته إلّا بالمعروف ..
هذا ، وقد تحصّل ممّا ذكرنا أنّ الجدل قد يكون بالحقّ ، وقد يكون بالباطل ، والجدل بالحقّ هو إقامة الحجّة المعتبرة عند الطرفين أو عند الطرف الآخر ، مع رعاية الآداب والأخلاق السامية.
ولم نكن ـ في البحث الذي عرضناه على ضوء آيات القرآن الكريم ـ بصدد التحقيق عن أنّ « علم الجدل » هو « علم المناظرة » ، أو أنّ الأوّل هو العلم الباحث عن الطرق التي يقتدر بها على إبرام ونقض حجّة الخصم ،
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ١٢٥.