أقول :
لقد حرّم عمر المغالاة بالمهر ، وهذا ما فهمه الناس من كلامه ، وهو ما رواه وفهمه كذلك أئمّة القوم من قوله.
أمّا أصل خطبته في ذلك ، فقد أخرجه أحمد في المسند (١) ، والدارمي والترمذي وابن ماجة والنسائي والبيهقي في سننهم في كتاب النكاح (٢) ، وقال الحاكم بعد أن روى الحديث ببعض طرقه : « فقد تواترت الأسانيد الصحيحة بصحّة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب. وهذا الباب لي مجموع في جزء كبير ، ولم يخرّجاه ».
فقد نصّ على تواتر الخبر ، ووافقه الذهبي (٣). ولكن لم يذكر اعتراض المرأة ، ولا كلام عمر ، ثمّ عدوله عمّا قاله! ..
قال السيوطي : « وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى ـ بسند جيّد ـ عن مسروق ، قال : ركب عمر بن الخطّاب المنبر ثمّ قال : أيّها الناس! ما إكثاركم في صداق النساء ، وقد كان رسول الله وأصحابه وإنّما الصدقات في ما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها ؛ فلا أعرفنّ ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم. ثمّ نزل.
فاعترضته امرأة من قريش فقالت له : يا أمير المؤمنين! نهيت الناس
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ٤٠ ـ ٤١ و ٤٨.
(٢) مسند الدارمي ٢ / ٩٩ ح ٢١٩٦ ، سنن الترمذي ٣ / ٤٢٢ ح ١١١٤ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٠٧ ح ١٨٨٧ ، سنن النسائي ٦ / ١١٧ ، سنن البيهقي ٧ / ٢٣٣.
(٣) المستدرك على الصحيحين ٢ / ١٩١ ـ ١٩٣ ح ٢٧٢٥ ـ ٢٧٢٨.