جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يحدّث عن فترة الوحي ، فقال في حديثه : «بينا أنا أمشي ، سمعت صوتا من السّماء ، فرفعت رأسي ، فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسيّ بين السّماء والأرض. قال : فجثثت منه رعبا ، فرجعت ، فقلت : زمّلوني زمّلوني ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إلى قوله : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(١)» ، وهي الأوثان ، ثم كثر الوحي وتتابع.
__________________
ـ موسى بن المساور : هو المترجم له.
عبد الله بن معاذ بن نشيط ـ بفتح النون ـ الصنعاني : صاحب معمر ، صدوق ، تحامل عليه عبد الرزاق ـ اتهمه بالكذب من غير حجة ـ مات قبل التسعين والمائة. انظر «التهذيب» (٦ / ٣٩) ، و «التقريب» ص ١٩٠.
معمر : هو ابن راشد الأزدي أبو عروة البصري ، من رجال الجماعة. ثقة ، ثبت ، فاضل إلّا في روايته عن ثابت ، والأعمش ، وهشام بن عروة شيئا ، وكذا فيما حدثه بالبصرة. مات سنة ١٥٤ ه. انظر المصدرين السابقين (١٠ / ٢٤٣) وص ٣٤٤.
الزهري : هو محمد بن مسلم بن شهاب. تقدم في ت ٨١. متفق على جلالته وإتقانه.
أبو سلمة : هو ابن عبد الرحمن. تقدم في ت ٣ ح ١٠ ثقة.
(١) سورة المدثر. آية ١ ـ ٥.
تخريجه :
رجاله ثقات سوى موسى ، وعبد الله بن معاذ ، وهما صدوقان ، يحسن حديثهما.
والحديث صحيح ، بل متفق عليه من غير هذا الطريق ، فقد أخرجه البخاري في «صحيحه» (٢ / ٣١) مع الفتح ط ـ ح بدء الوحي ، من طريق الزهري ، وفي التفسير (١٠ / ٣٠٥) ، باب وثيابك فطهّر ، من طريق معمر ، عن الزهري به ، وباب والرّجز فاهجر ، من طريق عقيل ، عن الزهري به نحوه ، ومسلم في «صحيحه» (٢ / ٢٠٥) مع النووي ، باب بدء الوحي ، وأحمد في «مسنده» (٢ / ٣٢٥ و ٣٧٧) بالطريق المذكور.
قوله : فجثثت ـ بضم الجيم ، وثائين مثلثتين ـ هكذا عنده ، وفي «مشارق الأنوار» «فجئثت منه فرقا» بضم الجيم بعدها همزة مكسورة ، وثاء ساكنة مثلثة ، كذا رواية كافتهم ، وكذا لأكثر رواة مسلم ، وعند السمرقندي وابن الحزاء جثثت بثاء مثلثة أخرى ـ قلت كما هو عند المؤلف ـ مكان الهمزة ومعنى الروايتين واحد ، أي رعبت وفزعت ، وقال الخليل : «جئث وجثّ فزع» انظر (١ / ١٣٧) ، وقيل معناه : «قلعت من مكاني». انظر «النهاية» لابن الأثير (١ / ٢٣٢ و ٢٣٩).
الرّجز : في اللغة العذاب ، وسمّي الأوثان هنا رجزا ؛ لأنّها سببه. انظر «الفتح» لابن حجر (٢ / ٢١ ط ـ ح).