٤ ـ التواضع والإستعانة بذوي الخبرة :
الإسلام السمح السهل ، دين الفطرة ومنهج الإنسانيّة المتساوية التي تجمعها العبوديّة لله تعالى ، والإعتراف بأعلميّة وأفضليّة وقيادة المعصومين عليهم السلام ، أمّا ما عداهم من الناس فـ :
.......... |
|
أبوهم آدم والاُمّ حوّاء |
هذا الدين العظيم من كريم أخلاقه التواضع ، والتواضع هو السمة الحقيقيّة لهذا الإنسان ـ لو عقل ـ فإنّه مهما بلغ من العلم جاهل بأقرب شيء إليه ـ نفسه ـ ومهما حصل من المال محتاج إلى شربة ماء ، إن فقدها أو منع منها هلك . . .
هذا التواضع حاجة من حاجات المحقّق كي تنمو خبرته ، ويتّسع اطّلاعه وتزيد معلوماته ، فإنّ العلم كلّه في العالم كلّه ، كما يقولون .
فما على طالب المعرفة الحقّة أن يستفيدها من أيّ إنسان صدرت ، وما عليه أن يقول لما يجهله : لا أدري !
المحقق بتواضعه المراد منه ، يفتح لنفسه الطريق في تصحيح الخطأ وتقويم الوهم الذي لا يخلو منه أحد إلّا من عصم الله .
وهو بتواضعه هذا يضيف خبرات إلى خبرته ، وجهود أعمار إلى جهده .
فما عليه أن يستفيد من عارف بتاريخ الخطّ وكيفيّاته ، أو مطّلع على أماكن المخطوطات ومظانها ، أو ناطق فصيح بلغة القرآن ولو كان بدويّاً اُمّيّاً .
ولأذكر مثالاً على ذلك :
جاء في ديوان الشريف المرتضى الذي حقّقه رشيد الصفّار وقدّم له محمد رضا الشبيبي وراجعه وترجم لأعلام الديوان وصحّح بعض ألفاظه الدكتور مصطفى جواد ، وقد رمز لحواشيه بـ ( م .ج ) .
جاء في الصفحة الثانية والثلاثين من الجزء الأوّل قول الشريف :
وإلى فخار الملك اُصدرها |
|
كلماً تسير بذكرها الكتب |
وبها على أكوار ناجية |
|
نصَّ المنازل عني الركب |
وعلّق عليها بما بلي :
في الأصل نطس الجنادل ، والذي أثبتناه أقرب من الأصل ، فإنّه يقال : نصصت فلاناً : إذا استقصيت مسألته عن الشيء حتى تستخرج ما عنده ، فالركب قد نص أهل المنازل عن الكلمة ( م .ج ) .