ويصف الشيخ الطوسي كتاب « تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة » : بأنّه كتاب كبير على عشرين مجلّداً ، يشتمل على عدّة من كتب الفقه على طريقة الفقهاء (١) .
وقوله : على طريقة الفقهاء إشارة إلى أنّه كان كتاباً على نمط الكتب الفقهيّة الإستدلاليّة ، نظير الكتب الفقهيّة للعامّة .
ولأجل ذلك يقول صاحب « روضات الجنّات » : أنّ هذا الشيخ تبع الحسن بن أبي عقيل العماني فأبدع أساس الإجتهاد في أحكام الشريعة .
ويقول : ونقل عن « إيضاح العلّامة » أنّه قال : وجدت بخطّ السيّد السعيد محمّد بن معد ، ما صورته : وقع إليّ من هذا الكتاب ـ أي كتاب « تهذيب الشيعة » ـ مجلّد واحد ، وقد ذهب من أوّله أوراق ، وهو كتاب النكاح ، فتصفّحته ولمحت مضمونه فلم أر لأحدٍ من هذه الطائفة كتاباً أجود منه ، ولا أبلغ ولا أحسن عبارة ، ولا أدقّ معنىً ، وقد استوفى منه الفروع والاُصول ، وذكر الخلاف في المسائل واستدلّ بطريق الإماميّة وطريق مخالفيهم ، وهذا الكتاب إذا اُمعن النظر فيه وحصّلت معانيه علم قدره ومرتبته ، وحصّل منه شيء كثير ولا يحصّل من غيره .
ثم يقول العلّامة : قد وقع إليّ من مصنّفات هذا الشيخ المعظّم الشأن كتاب « الأحمدي في الفقه المحمّدي » ، وهو مختصر هذا الكتاب ، جيّد يدلّ على فضل هذا الرجل و كماله ، وبلوغه الغاية القصوى في الفقه وجودة نظره ، وأنا ذكرت خلافه وأقواله في كتاب « مختلف الشيعة في أحكام الشريعة » (٢) .
وبذلك يعلم أنّ استعمال القياس في فقهه كان لأجل الإستدلال على طريق المخالفين ، ولعلّه إلى ذلك ينظر الشيخ حيث يقول في « عدته » : لمّا كان العمل بالقياس محظوراً في الشريعة عندهم لم يعملوا به أصلاً ، وإذا شذّ واحد منهم عمل به في بعض المسائل ، على وجه المحاجّة لخصمه ، وإن لم يكن اعتقاده رووا قوله وأنكروا عليه (٣) .
الثالث : شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي ، المولود عام ٣٨٥ هـ ، المتوفّى ٤٦٠ هـ ، فقيه الشيعة وزعيمهم في القرن الخامس بعد السيّد المرتضى الشهير بعلم الهدى ، فقد قام بتأليف كتاب على هذا النمط وأسماه كتاب « المبسوط » ، وألّفه
____________________________
(١) فهرس الشيخ ص ١٦٠ .
(٢) روضات الجنّات ج ٦ ص ١٤٥ ـ ١٤٧ ، نقلاً عن إيضاح العلّامة ، وقد نقله بعض الأجلّة عن خلاصة العلّامة ، وهو ليس بصحيح .
(٣) عدّة الاُصول ج ١ ص ٣٣٩ الطبعة الحديثة .