بالنسبة إليّ أعشاب يابسة لا غير وهكذا صارت لأنها أتت من مكان بعيد ومضى زمان طويل على قطفها.
أما النوع الثاني فله اسمه الخاص وهو «عين الحمام» لأن البذر الذي يباع في الأسواق يشبه عين الحمام ، ولا أعرف بالضبط ماهيته ، لكنه بالتأكيد بذور بعض الأزهار ، وهذا ما يتيسر في الأسواق بهذا الاسم.
وقد بحثت باجتهاد لأحصل على القرفة وكان أملي الحصول عليها بسهولة استنادا إلى ما قال لي طبيب يهودي نقلا عن كتاب «لابن سينا» حيث ذكر ان ما نسميه القرفة يسميه العرب «قصبة الذريرة» أو «الذريرة» وأكد لي الطبيب المذكور إمكانية الحصول عليها في بغداد فطلبت منه كمية للاطلاع عليها ، فإذا بها لا تطابق ما كنت أعتقده لأن قصبة الذريرة الموجودة في بغداد هي عبارة عن عيدان تأتي من إحدى مدن الهند المسماة «ديو» وتستعمل كدواء لتخفيف حرارة الجسم ويطلقون عليها هناك اسم «كرياتا» وهذه العيدان مرّة الطعم جدا فهي ليست القرفة أبدا.
لست خبيرا يا سيدي بالأفاوية والعقاقير ، لكن بعضهم أخبرني أن قصبة الذريرة التي نحن بصددها موجودة في إيطاليا.
عرفت مؤخرا أن المعدن الذي لاحظته في البداية عند الفرات وقلت إنه أبيض اللون يسمى هنا «البورق» ويستعمله القوم لطلاء سقوف الدور وجدرانها بعد حرقه وسحقه جيدا ونظرا لثقل وزنه فلم أرسل لك منه نموذجا لكني سأحمل كمية قليلة منه كما سأحمل قليلا من الطلق الذي تستعمله النساء في هذه البلاد بعد سحقه جيدا فيرشن على الشعر أو على أقنعة الرأس ليزيد من إظهار بهاء اللون الأسود فهو يعطي انطباع اللون الفضي ولهذا السبب يطلقون عليه اسم «ماي الفضة» بالرغم من كونه مسحوقا وليس سائلا. إن استعماله قديم فقد ذكر «تريبيليو بوليون» (١) إن الامبراطور «كالينو» (٢) كان يرش على
__________________
(١) مؤرخ لاتيني من أبناء المئة الثالثة بعد المسيح.
(٢) امبراطور روماني (٢٦٠ ـ ٢٦٨ م) أديب وفيلسوف ضعيف الشخصية مات مقتولا.