القسم الثاني : في بلاد فارس (*)
الرسالة الأولى
أصفهان ١٧ آذار ١٦١٧
يطيب لي سرد بعض الأخبار عن رحلتي من بغداد إلى هنا ، وسأرسل كتابي هذا مع رجل مسافر إلى إيطاليا في الطريق البري ، وهكذا سيصل إليك كتابي بأسرع وقت ، لكن ضيق وقتي لن يسمح لي بإطالة الكلام فسأختصر!
غادرت بغداد في اليوم الرابع من السنة الحالية ١٦١٧ (كانون الثاني).
كان الفرس قد شنوا الحرب على الأتراك قبيل عيد الميلاد فجردوا حملة على منطقة بغداد ودمروا بلدة كبيرة اسمها «مندلي» ولكي يتجنب الوالي مزيدا من الخراب أعدّ جيشا قوامه سبعة آلاف أو ثمانية آلاف من رجاله أرسله لمحاربة الفرس. وعلى أثر ذلك توقفت القوافل بين البلدين ولم يتجرأ التجار من مسلمي بغداد على السفر. لكن بغداد كانت بحاجة إلى بضائع كثيرة تأتيها عبر بلاد الفرس مما أجبر الوالي على ترك الحدود مفتوحة رغم الأذى الذي لحق به وهو بعمله هذا يستفيد أولا من ضرائب المكوس ويستفيد ثانيا أنه يزود المدينة بما تحتاج إليه من بضائع لذا كان يشجع القوافل على السفر ويقدم لها التسهيلات ويعدها بالأمان.
فلما كنت عازما على السفر وأعلم أن بلاد الفرس صديقة لبلدي من دون
__________________
(*) إن هذا القسم وإن كان خاصا بإيران فإننا ترجمنا ما رأيناه مكملا لأخبار الرحلة ومفيدا لتاريخ العراق.