الحلة
انتهينا من زيارة بابل ، وكان لدينا متسع من الوقت في ذلك النهار فقررت زيارة مدينة من هناك تسمى «الحلة» لا يذكرها الجغرافيون الغربيون بالرغم من أنها أهم بلدة في ربوع بابل. فسرنا إليها وقد عزمت المبيت فيها ، فالنزول فيها خير من البقاء في العراء. فوصلنا إليها في وقت صلاة العشاء وقبل أن نصلها رأينا مسجدا على الطريق يطلقون عليه اسم «مسجد الجمجمة» (١) لأنه أقيم في موضع عثروا فيه على جمجمة أحد الأولياء.
أمضينا اليوم التالي في الحلة الواقعة على نهر الفرات وتتكون من قسمين على عدوتي النهر ، وفيها جسر من القوارب كجسر بغداد عدد قواربه ٢٤ قاربا.
بيوت الحلة شبيهة ببيوت بغداد ، مشيدة باللبن القديم وهي واطئة البناء وليس فيها إلا الطابق الأرضي وفي البيوت حدائق عامرة بمختلف أنواع الأشجار المثمرة خاصة النخيل ، ونظرا لارتفاع هذه الأشجار وكثافتها فقد أرسلت ظلالها على البلدة كلها فالناظر إليها من بعيد لا يرى سوى غابة نخيل واسعة.
الحلة بلدة كبيرة ، وفيها قلعة صغيرة لكنها قوية تقع على النهر ، كما توجد فيها أسواق عامرة بعضها حسنة البناء والطراز لكنها مظلمة جدا. يحكم المدينة «سنجق» يخضع لباشا بغداد.
كانت بعض البساتين جميلة حقا عامرة بالحمضيات ومختلف الأشجار
__________________
(١) جاء في كتاب : الاشارات إلى معرفة الزيارات ، للهروي : «مدينة الحلة بها مشهد الجمجمة يقال إنها خاطبت عيسى ابن مريم (ع) ويقال علي بن ابي طالب (رض) والصحيح ان عيسى ابن مريم لم يدخل العراق ...» دمشق ١٩٥٣ ص ٧٦.