الأخرى. وذكر لي أن أحد البساتين من أملاك بعض النساء وهن بنات أحد الولاة المتوفين.
لم أجد أبنية جديرة بالإعجاب أو آثارا قديمة لكن المنطقة الواقعة على الفرات بأكملها قديمة وقد قامت بعد انقراض بابل.
لقد ذكر الأهالي خبرا لم أفهمه في بادىء بدء لصعوبة تفاهمي بالعربية فلم أعره انتباهي وقد تأسفت جدّا بعد فوات الأوان. لقد أخبروني أنه على مسيرة نصف نهار من الحلة في طريق يختلف عن الطريق الذي سلكته يوجد قبر «حزقيال النبي» ويفد إليه اليهود سنويا للتبرك به (١) ويقع على نهر كوبار أو كابور ـ كما يلفظه العرب حاليا ـ المذكور في الكتاب المقدس في سفر حزقيال (٢) ويتدفق النهر في أرض بين النهرين من منبع شهير يسمى «رأس العين» ثم يصب في الفرات. كم كان هذا الموضع جديرا بالزيارة فصاحبه من الأنبياء العظام ولأن مثواه حسب شهادة «سفر الشهداء» (٣) هو أيضا قبر سام وارفكشاد (٤) من أجداد سيدنا إبراهيم. أنه سوء حظي الذي حرمني من هذه الزيارة المهمة.
غادرت الحلة ضحى الخامس والعشرين من تشرين الثاني ، وأمضينا الليل في «خان البئر» المار ذكره حيث نزلنا في طريق الذهاب ، وقد هرع عدد كبير من البدو رجالا ونساء لرؤيتنا عند سماعهم بوجود إفرنج بين ظهرانيهم فأعددنا لهم «البلاو» وهكذا أمضوا مساء مرحا معنا ثم عادوا إلى خيمهم.
__________________
(١) يشير إلى ناحية الكفل المعروفة ، قال الحموي : معجم البلدان ١ : ٥٩٤ «بر ملاحة بالفتح والحاء مهملة موضع في أرض بابل قرب حلة دبيس يقال لها القسونات فيها قبر حزقيل المعروف بذي الكفل يقصده اليهود من البلاد الشاسعة للزيارة».
(٢) يسمى في الكتاب المقدس «نهر كبار» (حزقيال ١ : ١ و ٣).
(٣) يدعى «سفر الشهداء الروماني» وهو كتاب يضم اسماء الشهداء والأولياء النصارى منذ أقدم العصور النصرانية وهو مقسم على أيام السنة وما يذكره المؤلف يرد في الكتاب المذكور بتاريخ ١٠ نيسان (العدد : ثالثا).
(٤) سفر التكوين : الفصل ١٠.