بغداد سنة ١٦١٦ م
لا بأس أن أبدأ الآن بالتحدث عن هذه المدينة التي مكثت فيها فترة طويلة واطلعت عليها جيدا فزرت معالمها وطفت بضواحيها.
ملاحظتي الأولى أوجهها إلى الذين يخلطون بين بابل القديمة وبغداد ويظنون أنهما شيء واحد كما يعتقد العوام. إن بابل القديمة كما ذكر الأقدمون تقع على الفرات وليست على دجلة حيث تقوم بغداد.
الملاحظة الثانية ان بناء بغداد وطراز عمارتها والكتابات العربية التي تقرأ في مواضع عديدة (١) منها محفورة ومنها بارزة تدل على أنها مدينة حديثة وهي من بناء العرب المسلمين دون أدنى شك يؤكد ذلك ما جاء من أخبار عنها في كتب تاريخهم.
ولعل سبب اعتقاد البعض أن بغداد هي بابل هو وجود كميات كبيرة من الآجر بحالة جيدة يعود بالأصل إلى بابل القديمة ومن بنايات كثيرة كانت قائمة وقد زالت معظم معالمها ولم يبق إلا بعض الآثار والجدران والحقيقة أنه لو حفر في أي موضع فيها ولمساحات كبيرة لعثر على كميات وافرة من الآجر الجيد والأسوار القديمة. من هنا تولدت القصة التي يرددها المسلمون إلى اليوم فيقولون إن البلاد كانت عامرة من بغداد إلى البصرة دون انقطاع ، فحدث ان ديكا فرّ من بغداد فعثر عليه في البصرة التي تبعد عن الأولى مسيرة ١٢ يوما وكان يقفز فوق السطوح من بيت إلى آخر حتى وصل إلى البصرة التي تقع على الخليج!!
__________________
(١) نوه بوجود الكتابات لكنه مع الأسف لم ينقلها إلينا ليته فعل.