رحلة إلى بابل
منذ أيام وأنا أشتاق للخروج والسفر إلى بابل ، الواقعة على الفرات مسيرة يومين عن بغداد حيث كان برج نمرود والآثار الكثيرة التي قيل لي إنها لا تزال تشاهد هناك. لكني لم أذهب لأنه كانت قد انتشرت في تلك النواحي أخبار قطع الطرق والقتل من قبل الأعراب التابعين «لمبارك» (١).
يحكم مبارك حكما مطلقا في المناطق الواقعة ما بين بغداد وبادية العرب حتى الخليج ولا يخضع للسلطان العثماني بل يميل بالأحرى إلى الفرس لأنه أقرب إليهم ويرهب شوكتهم ، ولأنه يجري في أراضيه نهر ينبع من الأراضي الفارسية يخاف أن يقطعوه عنه وبالرغم من أن اسمه «مبارك» ولقبه سلطان أي الأمير الحر لكنه عند ما يسك نقوده الخاصة فإنه يضع شعار الشاه عليها إلى جانب شعاره ويفعل ذلك ـ حسب اعتقادي ـ تقربا لا إكراها.
الحرب بين الفرس والعثمانيين وشيكة الوقوع الآن ، وعلاقات مبارك مع ولاة بغداد ليس على ما يرام ، لذا نراه يحاول نشر الرعب في البلاد ويعيث في الأرض فسادا. ويستعد والي بغداد (٢) هذه الأيام للخروج على رأس حملة قوامها سبعة آلاف جندي ولا تعرف إلى اليوم غاية الحملة ووجهتها ، أهي ضد الفرس المجاورين أم لتأديب مبارك. ففي الأشهر الماضية كان قد أرسل أحد ابنائه ليحكم البصرة فكسر شوكة الأتراك.
__________________
(١) هو المولى مبارك بين عبد المطلب من أبرز المشعشعين الحاكمين آنذاك في منطقة الحويزة العربية راجع الملحق (٢).
(٢) هو الوالي يوسف باشا (١٦١٦ ـ ١٦٢١ م).