صاحبنا ان يتلافى الأمر بالرشوة وبمساعدة جندي تركي أن يهرّب القاتل إلى أوروبا وأن يتخلص من جثة القتيل برميها في دجلة].
لم يكن في بغداد كنائس ، وحيث وجدت في البلاد التركية كان محرما دفن الأموات فيها ، فدفن الأموات داخل المدن كان ممنوعا إلا لذوي الشأن ، وكانت مقابر المسلمين في ضواحي المدينة كما كان للنصارى مقابرهم الخاصة حسب طوائفهم وطقوسهم. لأن المسيحيين وفدوا إلى بغداد منذ سنوات قليلة هربا من الحروب والقلاقل في البلاد الأخرى ، ولا توجد حتى الآن كنيسة خاصة بهم ولا يسمح لهم بإقامة الشعائر الدينية لذلك فعند ما يريدون إقامة القداس يجتمعون سرا في بيت خصص لهذه الغاية ويقام القداس حسبما فهمت من دون مذبح خوفا من السلطات التركية أن تعثر عليه فتكون العاقبة وخيمة ، وعوضا عنه يبسط أحد الكهنة أو الشمامسة يديه فتغطيان بقماش نظيف يقوم مقام المذبح (١).
__________________
(١) هذه الفقرة مقتبسة من رسالة أخرى بعثها في وقت لا حق أدخلتها هنا لعلاقتها ببغداد .. وأضيف : كان في بغداد كنائس عامرة في العهد العباسي ، مثل بيعة درتا وبيعة السيدة في درب دينار أو سوق الثلاثاء وبيعة مار توما في المحول وبيعة دار الروم وغيرها لكنها زالت تدريجيا منها بسبب الفيضانات العاتية المستمرة ، ومنها بفعل عوامل الزمن أو لأسباب أخرى لا مجال هنا لذكرها فمن شاء فليرجع إلى كتابنا : كنائس بغداد ودياراتها ؛ بغداد ١٩٩٤ ؛ كما أن المسيحيين الذين كانوا يسكنون بغداد بأعداد معقولة ويمارسون مختلف الأعمال كما يذكر ذلك المؤرخون ، وكما يشير إلى ذلك الجاحظ في رسالته الموسومة «الرد على النصارى» فإنهم رحلوا عنها تدريجيا بسبب الحروب والفتن في نهاية العهد المغولي بحثا عن أماكن آمنة في شمالي العراق وزال وجودهم في زمن الاحتلال الصفوي ، ولم يعودوا إلى بغداد إلا في مطلع القرن السابع عشر. أما الكنائس القائمة اليوم في أرجاء بغداد فأقدمها يرجع إلى القرن ١٩ إذ شيدت في منطقة الشورجة حتى عرفت باسم «عقد النصارى» ، والكنائس الأخرى شيدت في النصف الثاني من القرن ٢٠.
الأب بطرس حداد : كنائس بغداد ودياراتها ، ص ١٣٩ ـ ١٤٠ ؛ ومقالنا : السائح العاشق ، مجلة بين النهرين ٦ (٢٠٠٠) ص ٥٢٨ ـ ٥٣٢