شك ، لذلك انتهزت الفرصة واتفقت مع مكاري فارسي كان آنذاك في بغداد وكان مشتاقا للعودة إلى أهله فاستحصل على إذن من الوالي للمرور بأمان له شخصيا ولمن معه من أفراد وأموال إضافة إلى قواص من قبل الباشا يرافقنا على حسابنا إلى الحدود ويقينا تحرشات الجنود.
لقد نال المكاري ما طلب بسهولة ورأيت الفرصة سانحة لي للغاية فقررت السفر ضمن القافلة الصغيرة التي أعدها الرجل من أشخاص قليلين وحددنا موعد السفر يوم الرابع من كانون الثاني. لكن عشية ذلك اليوم ظهر أن بعض نصارى بغداد ممن يتبعون حساب التقويم القديم (١) الذي لم يخضع للإصلاح والتبديل الذي أجراه البابا غريغوريوس الثالث عشر (٢) يحتفلون بالأعياد بعدنا بعشرة أيام ، وكان ذلك اليوم حسب تقويمهم ٢٤ كانون الأول أي ليلة عيد الميلاد ، لذا اجتمع أقارب السيدة معاني وصديقاتها ليسهروا معها ويحتفلوا بالمناسبتين أي : بعيد الميلاد ومناسبة رحيلنا وطبقا لعاداتهم فإنهم أوقدوا نارا في فناء الدار (٣) وشرع الصبيان يقفزون فوقها كما نفعل نحن في روما في عيد القديسين بطرس وبولس (٤) وأشعلت بعض الفتيات شموعا عسلية من تلك النار وحملت كل صبية شمعتها فترة من الوقت إلى أن تعبن فوضعن الشموع على المنارة وبقيت مشتعلة طوال الوقت واهتمت كل فتاة بملاحظة شمعتها والاعتناء بها لأنهن يعتقدن أن الشمعة التي تنطفىء أثناء الحفلة تدل على سوء الطالع وما شاكل ذلك من الخرافات وإذا انطفأت شمعة الفتاة فلن تجد فتى أحلامها.
__________________
(١) انظر الملحق رقم (٩).
(٢) غريغوريوس الثالث عشر بابا روما (١٥٧٢ ـ ١٥٨٥).
(٣) لا تزال عادة إيقاد النار معروفة عند المسيحيين ويطلق عليها نار الرعاة أو شعلة عيد الميلاد ؛ نرسيس صائغيان : نظرة في عادة إيقاد النار ليلة عيد الميلاد ، نشرة الأحد ١١ (١٩٣٢) ٨٢٣.
(٤) يقع هذا العيد في ٢٩ حزيران من كل سنة حسب الطقس الروماني.