الله ، إن قوما نقبوا على عمي ، وأخذوا طعاما كان أعده لعياله ، وسيفا ودرعا ، وهم أهل بيت سوء ، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن ، يقال له : لبيد بن سهل.
فقال بنو أبيرق لقتادة : هذا عمل لبيد بن سهل ، فبلغ ذلك لبيدا ؛ فأخذ معه سيفه ، وخرج عليهم ، فقال : يا بني أبيرق ، أترمونني بالسرقة وأنتم أولى بها مني؟! وأنتم المنافقون تهجون رسول الله ، وتنسبون إلى قريش ، لتبينن ذلك ، أو لأملأن سيفي منكم.
فداروه ، فقالوا له : ارجع يرحمك الله ، فإنك بريء من ذلك ، فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم ، يقال له : أسيد بن عروة ، وكان منطيقا بليغا ، فمشى إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقال : يا رسول الله ، إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا ، أهل شرف ونسب وحسب ، فرماهم بالسرقة ، واتهمهم بما ليس فيهم.
فاغتم رسول الله «صلى الله عليه وآله» لذلك ، وجاء إليه قتادة ، فأقبل عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وقال له : عمدت إلى أهل بيت شرف ، وحسب ، ونسب ، فرميتهم بالسرقة؟! فعاتبه عتابا شديدا ؛ فاغتم قتادة من ذلك ، ورجع إلى عمه ، وقال : يا ليتني مت ولم أكلم رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقد كلمني بما كرهته ، فقال عمه : الله المستعان ؛ فأنزل الله في ذلك على نبيه «صلى الله عليه وآله» : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً* وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً* وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً* يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ