ندرك ، وإن لاقينا جمعهم كنا قد أخذنا للحرب عدتها ؛ معنا خيل ولا خيل معهم ، ومعنا نجائب أمثال الخيل ، والقوم منكوبون قد أوقعت بهم قريش ، فهم لا يستبلون دهرا ولا يثوب لهم جمع.
فقال رجل منهم اسمه : قيس بن الحارث : يا قوم ، والله ما هذا برأي ، ما لنا قبلهم وتر ، ولا هم نهبة لمنتهب ، إن دارنا لبعيدة من يثرب ، ما لنا جمع كجمع قريش ، مكثت قريش دهرا تسير في العرب تستنصرها ، ولهم وتر يطلبونه ، ثم ساروا وقد امتطوا الإبل ، وقادوا الخيل ، وحملوا السلاح ، مع العدد الكثير ، ثلاثة آلاف مقاتل سوى أتباعهم ، وإنما جهدكم أن تخرجوا في ثلاث مئة رجل ، إن كملوا ، فتغررون بأنفسكم ، وتخرجون من بلدكم ، ولا آمن أن تكون الدائرة عليكم.
فكاد ذلك أن يشككهم في المسير ، وهم على ما هم عليه بعد ، فذهب به صهره إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ فأخبره كما أخبره.
وفي رواية : أنهم كانوا قد جمعوا ، وتوجهوا إلى المدينة ، ثم بدا لهم الرجوع ، فرجعوا إلى منازلهم.
وعند البلاذري : كانوا قد جمعوا جمعا عظيما.
فبعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» أبا سلمة ، وأرسل معه نفس ذلك الرجل الذي أخبره بجمعهم ، وقال «صلى الله عليه وآله» لأبي سلمة : سر حتى تنزل أرض بني أسد ، فأغر عليهم ، قبل أن تلاقى عليك جموعهم.
فخرج ، وكان الطائي دليلا خريتا ـ أي ماهرا ـ فأغذّ السير فسار بهم أربعا إلى قطن ، وسلك بهم غير الطريق وعارض الطريق ، وسار بهم ليلا ونهارا.
وفي رواية أخرى : أنهم كان يسيرون في الليل ويكمنون في النهار