فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ)(١).
فإن الآيات تتحدث عن الإمداد بالملائكة في بدر ، وأن سببه هو البشرى للمؤمنين ولكي تطمئن قلوبهم ، مع العلم أن النصر هو من عند الله ، وإنما نصرهم الله في بدر ليقطع طرفا من الذين كفروا ويقلل عدتهم وقوتهم بالقتل والأسر ، أو يكبتهم أي يذلهم على حنق وغيظ ، ثم جاءت جملة معترضة تفيد : أن هذا القطع والكبت لهم ، ليس من صنع النبي «صلى الله عليه وآله» ، ليكون هو الممدوح والملوم في صورة النصر ، وعدمه وإنما هو قرار إلهي.
ثم جاءت جملة أخرى معطوفة على «ليقطع» وهي قوله : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) ، والضمير فيها يرجع إلى الذين كفروا في الآية السابقة ، أي ليس لك يا محمد في أمر التوبة عليهم أو عذابهم شيء ، بل الأمر لله ، لأنه هو المالك لكل شيء ، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
ولو كان الكلام منفصلا عما قبله ، لم يعرف مرجع الضمير في (عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ).
ولو صح : أن أهل بئر معونة قد أتوه تائبين ، فتاب الله عليهم ، لم يكن معنى لقوله : أو يعذبهم ، إلا إذا كان قد ورد على سبيل الترديد في المطلق ، أي على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية.
ثالثا : قد تقدم : أنه قيل له «صلى الله عليه وآله» : ادع على المشركين ،
__________________
(١) الآيات ١٢٦ ـ ١٢٨ من سورة آل عمران.