على عقلها » قال : فوضع يده على صدرها ، ودعا لها ، فاسترجعت ، وبكت ، قال : ثم جاء صلىاللهعليهوآله فقام عليه ، وقد مثل به ، فقال : « لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطيور وبطون السباع » (١).
واستشهد شاب من الأنصار يقال له : خلاد يوم بني قريظة ، فجاءت أمه متنقبة فقيل لها : تتنقبين يا اُم خلاد وقد رزئت بخلاد! فقالت : لئن كنت رزئت خلاداً ، فلم ارزأ حيائي (٢) ، فدعا له النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال : « إن له أجرين ، لأن أهل الكتاب قتلوه »(٣).
وعن أنس بن مالك قال : لما كان يوم اُحد حاص أهل المدينة حيصة ، فقالوا : قتل محمد صلىاللهعليهوآله ، حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة ، فخرجت امراة من الأنصار متحزنة ، فاستقبلت بأبيها وأبنها وزوجها وأخيها ، لا أدري أيهم استقبلت أولاً ، فلما مرت على آخرهم قالت : من هذا؟ قالوا : أخوك ، وأبوك ، وزوجك ، وابنك ، قالت : ما فعل النبي صلىاللهعليهوآله ؟ قالوا : أمامك ، فمشت حتى جاءت إليه ، فأخذت بناحية ثوبه ، وجعلت تقول : بأبي أنت وامي يا رسول الله ، لا ابالي إذا سلمت من عطب.
وروى البيهقي قال : مر رسول الله صلىاللهعليهوآله بامرأة من بني دينار (٤) ، وقد أصيب زوجها وأبوها وأخوها معه صلىاللهعليهوآله باُحد ، فلما نعوا إليها ، قالت : ما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟ قالوا : خيراً يا أم فلان ، وهو يحمد الله كما تحبين ، قالت : أرونيه حتى انظر إليه ، فأشير لها إليه ، حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل(٥).
وخرجت السمراء بنت قيس ـ أخت أبي حزام ـ ، وقد اصيب ابناها ، فعزاها النبي صلىاللهعليهوآله بهما ، فقالت : كل مصيبة بعدك جلل (٦) ، والله لهذا
__________________
١ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٩٧.
٢ ـ في « د » و « ح » : حبابه ، وما أثبتناه من منتخب كنز العمال.
٣ ـ منتخب كنز العمال ١ : ٢١٢ باختلاف في ألفاظه.
٤ ـ في « د » : ذبيان ، وفي « ح » : دينارة ، وفي هامش « ح » : صباره ، والظاهر كلها تصحيف ، والصواب ما أثبتناه ، وبنو دينار : بطن من بني النجار من الخزرج من الأنصار. اُنظر « معجم قبائل العرب ١ : ٤٠١ ».
٥ ـ السيرة النبوية لابن هشام ٣ : ١٠٥ ، ورواه الواقدي في المغازي ١ : ٢٩٢ باختلاف في ألفاظه.
٦ ـ الجلل : الأمر العظيم والهين ، وهو من الاضداد ، والمراد هنا : كل مصيبة بعدك هينة. اُنظر « الصحاح