تعيين المفعول ان عاما فعام وان خاصا فخاص ، ولما وجب تقدير المفعول تعين انه مراد فى المعنى ومحذوف من اللفظ لغرض فاشار الى تفصيل الغرض بقوله (ثم الحذف اما للبيان بعد الابهام كما فى فعل المشيئة) والارادة ونحوهما اذا وقع شرطا فان الجواب يدل عليه ويبينه لكنه انما يحذف (ما لم يكن تعلقه به) اي تعلق فعل المشيئة بالمفعول (غريبا نحو (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)) اي لو شاء الله هدايتكم لهديكم اجمعين.
فانه لما قيل لو شاء علم السامع ، ان هناك شيئا علقت المشيئة عليه لكنه مبهم عنده ، فاذا جىء بجواب الشرط صار مبينا له وهذا اوقع فى النفس (بخلاف) ما اذا كان تعلق فعل المشيئة به غريبا فانه لا يحذف حينئذ كما فى نحو قوله («ولو شئت ان ابكى دما لبكيته) ، عليه ولكن ساحة الصبر اوسع».
فان تعلق فعل المشيئة ببكاء الدم غريب فذكره ليتقرر فى نفس السامع ويأنس به.
(واما قوله :
فلم يبق منى الشوق غير تفكرى |
|
فلو شئت ان ابكى بكيت تفكر» |
فليس منه) اى مما ترك فيه حذف مفعول المشيئة بناء على غرابة تعلقها به على ما ذهب اليه صدر الافاضل فى ضرام السقط من ان المراد لو شئت ان ابكى تفكرا بكيت تفكرا فلم يحذف منه مفعول المشيئة.
ولم يقل لو شئت بكيت تفكرا لان تعلق المشيئة ببكاء التفكر غريب كتعلقها ببكاء الدم.
وانما لم يكن من هذا القبيل (لان المراد بالاول البكاء الحقيقى) لا البكاء التفكرى لانه اراد ان يقول افنانى النحول فلم يبق منى غير خواطر تجول فىّ حتى لو شئت البكاء فمريت جفونى وعصرت عينى ليسيل منها دمع لم اجده وخرج منها بدل الدمع التفكر فالبكاء الذى اراد ايقاع المشيئة عليه بكاء مطلق مبهم غير معدى