(واما نحو («وَأَمَّا ثَمُودُ) فَهَدَيْناهُمْ» فلا يفيد الا التخصيص) لامتناع ان يقدر الفعل مقدما نحو اما فهدينا ثمود لالتزامهم وجود فاصل بين اما والفاء بل التقدير اما ثمود فهديناهم بتقديم المفعول ، وفى كون هذا التقديم للتخصيص نظر لانه يكون مع الجهل بثبوت اصل الفعل كما اذا جاءك زيد وعمرو ثم سألك سائل ما فعلت بهما فتقول اما زيدا فضربته واما عمروا فاكرمته فليتأمل.
(وكذلك) اى ومثل زيدا عرفت في افادة الاختصاص (قولك بزيد مررت) فى المفعول بواسطة لمن اعتقد انك مررت بانسان وانه غير زيد وكذلك يوم الجمعة سرت وفى المسجد صليت وتأديبا ضربته وماشيا حججت.
(والتخصيص لازم للتقديم غالبا) اى لا ينفك عن تقديم المفعول ونحوه فى اكثر الصور بشهادة الاستقراء وحكم الذوق.
وانما قال غالبا لان اللزوم الكلى غير متحقق ، اذا التقديم قد يكون لاغراض اخر كمجرد الاهتمام والتبرك والاستلذاذ وموافقة كلام السامع وضرورة الشعر او رعاية السجع والفاصلة ونحو ذلك قال الله تعالى (خُذُوهُ) فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَة ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ ، وقال (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ، فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ،) وقال (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ،) الى غير ذلك مما لا يحسن فيه اعتبار التخصيص عند من له معرفة باساليب الكلام.
(ولهذا) اى ولان التخصيص لازم للتقديم غالبا (يقال فى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) معناه نخصك بالعبادة والاستعانة) بمعنى نجعلك من بين الموجودات مخصوصا بذلك لا نعبد ولا نستعين غيرك (وفى (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) معناه اليه تحشرون لا الى غيره ويفيد) التقديم (فى الجميع) اى جميع صور التخصيص (وراء التخصيص) اى بعده (اهتماما بالمقدم) لانهم يقدمون الذى شانه اهم وهم ببيانه اعنى (ولهذا يقدر) المحذوف (فى بسم الله مؤخرا) اى بسم الله افعل كذا ليفيد مع الاختصاص الاهتمام لان المشركين كانوا يبدؤن باسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات باسم العزى فقصد الموحد تخصيص اسم الله بالابتداء للاهتمام والرد عليهم.